من يُتابع صحن الطواف وساحات المسجد الحرام وشوارع العاصمة المقدسة، يلمس التناغم الكبير بين القاصدين وبين رجال الأمن. في أحد مقاطع الفيديو المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعي، أشاد المتابعون بالإنسانية العالية لرجال الأمن وموقفهم الإنساني مع الطفلة التي حاولت أكثر من مرة تقبيل الحجر الأسود في وقت غير مخصص لذلك، لم تيأس الطفلة ولا أهلها المرافقين معها من تكرار المحاولة الثانية ثم الثالثة إيمانًا منهم بأخلاقيات رجال الأمن، وثقتهم في تحقيق رغبة القاصدين، فسمحوا لها بذلك وسط إعجاب كبير من أهلها وتقدير الموقف من الزوّار والمعتمرين، فقد حملها رجل الأمن ومكّنها من تحقيق رغبتها بتقبيل الحجر الأسود ، ثم انطلقت نحو والدها وهي تغمرها السعادة، بينما لم يتمالك والدها نفسه؛ فمد يده لرجل الأمن بحركة عفوية يشكره على فعله وتحقيق رغبة ابنته لتقبيل الحجر الأسود بـ”يسر وطمأنينة”.
هذا الموقف ما هو إلا واحد من مئات المواقف اليومية التي نشاهدها في شاشات التلفزة وفي مواقع التواصل الاجتماعي وفي أرض الميدان، وهي ما تؤكد طبيعة العلاقة الإنسانية المتبادلة بين ضيوف الرحمن ورجال الأمن الذين يقدمون كل ما يمكن تقديمه لخدمة القاصدين.
المواقف الإنسانية التي نراها في مكة المكرمة وفي المشاعر المقدسة على مدار العام ما هي إلا رسالة اطمئنان ترد على كل من يُحاول استخدام الحرم لغير مقاصد الشريعة، وهي تؤكد بأننا ولله الحمد آمنين مطمئنين في حرم الله ومملكة الإنسانية.
وبناءً على هذه العلاقة لم يتكلف مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، في رده على أحد الأسئلة بالمؤتمر الصحفي لقادة أمن العمرة يوم السبت ٢٨ شعبان ١٤٤٥هـ عندما سُئل عن “رسالة قوات الأمن لمن يستخدمون الحرم المكي الشريف لأمور خارجة عن أداء العمرة ومنها الأمور السياسية”، لم يفت على مدير الأمن العام شكر الصحفي على سؤاله، وهذا نابع من ثقة كبيرة تعودناها من الفريق البسامي، القائد المحنك والمتحدث الذكي وهي تؤكد الجاهزية التامة لقوات الأمن في خدمة ضيوف الرحمن، فأكتفى بكلمات بسيطة لم تتجاوز الـ (١٧) ثانية، ولكنها تحمل دلالات ومعاني كبيرة؛ حيث قال: “المكان خُصص للعبادة، وأنا أعتقد أن كل زوار الحرمين مقصدهم هو أداء العمرة، لذلك أرجو التفرغ لأداء النُسك، وأضاف: لن نسمح بأي ظواهر تتعارض مع هذه المقاصد”. هذا التعليق أذهلني من حيث الوقت الذي استغرقه للرد على مثل هذه الأسئلة، مما يؤكد الثقة أولًا في الله -عز وجل- ثم في وعي القاصدين، والاستعدادات الكبيرة والجاهزية التامة لخدمة الزوار والمعتمرين بـ”يسر وطمأنينة”، وهو الشعار الذي ترفعه وتعمل به وزارة الداخلية في خدمة ضيوف الرحمن.