المقالات

القرصنة الأكاديمية

القرصنة الأكاديمية أو السرقة الفكرية أو الغش الأكاديمي، وغيرها من المسميات التي تُشير جميعها إلى (السرقة العلمية)، وهي أن يقوم شخص ما بتقديم بحث أو منتج علمي أعده شخص آخر؛ مدعيًّا أن ذلك العمل من أعماله الشخصية ومجهوده الخاص؛ وسواء تم ذلك الأمر بموافقة الشخص الذي أعد العمل أو بدون موافقته، وإن كان في الغالب يتم هذا الأمر بموافقة الشخص الذي قام بإعداد العمل؛ حيث يتعهد شخص ما بدفع مبلغ مالي أو تقديم خدمة أو منفعة لشخص آخر مقابل أن يكتب نيابة عنه بحث علمي أو ورقة عمل أو أية مؤلف آخر. بل من المؤسف أن يصل الأمر في بعض المؤسسات أن يتم تعيين أو استغلال لشخص محدد، وفي الغالب يكون (متعاقدًا)؛ بحيث تكون مهمته الأساسية وربما الوحيدة هي مساعدة أساتذة معينين في تلك المؤسسة في إعداد ما يحتاجون إليه من البحوث العلمية التي تُساعدهم في الترقيات الأكاديمية، وربما يكون هذا السبب هو الأهم لدى من ينغمسون في السرقات العلمية؛ إضافة إلى إعداد أوراق العمل التي يُشارك من خلالها منسوبو تلك المؤسسة في الندوات والمؤتمرات والمناسبات التي تُقام داخل تلك المؤسسة وخارجها.
ورغم تعدد صور وأشكال السرقات العلمية إلا أن الأسباب لا تخرج كثيرًا عن ضعف الوازع الديني والافتقار إلى أخلاقيات وقيم البحث العلمي وتدني المهارات البحثية لدى كثير من الأكاديميين، كما أن هوس الكثير منهم بالحصول على الألقاب الأكاديمية في وقت قياسي ربما يُعد السبب الأكثر تأثيرًا في تفشيها في بعض المؤسسات الأكاديمية، ويجب ألا ننسى توفر العرض الموجود في سوق البحث العلمي من قبل ضعاف النفوس الذين اتخذوا من بيع الأعمال العلمية مهنةً لهم بل وجعلوها سوقًا تجاريًا لمضاعفة دخولهم المادية؛ وبطبيعة الحال ما كان لهذا الأمر أن يتم لولا ضعف أو غياب الرادع القانوني داخل تلك المؤسسات الأكاديمية وخارجها.

إن انتشار هذه السرقة السيئة أصبح خطرًا عظيمًا يُهدد المجتمع وبصورة ربما تفوق خطر السرقات المالية، وسيؤدي حتمًا إلى ضياع الهوية الفكرية والثقافية للجيل الحالي والأجيال القادمة ما لم يتم الوقوف بحزم في وجه هذه الظاهرة؛ ولذلك لابد من وقفة جادة في وجه قراصنة الألقاب العلمية المزيفة من قبل الجهات المعنية بهذا الأمر، وأزعم أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وما تملكه من قدرات وخبرات في مجال مكافحة الفساد بكافة أشكاله وألوانه، وقبل ذلك ما تحصل عليه من دعم ومتابعة القيادة الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وسمو ولي العهد -وفقه الله- فهي قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة بكل كفاءة واقتدار، وسنرى حينها بصورة دورية وضمن التقارير الشهرية للهيئة قوائم بأسماء قراصنة الأعمال العلمية.

حقيقة:
إذا كان وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة؛ فإن وراء كل خروف قطوة!!

آخر الكلام:
اللهم كما بلغتنا رمضان؛ فأعنا فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال، وتقبل منا ذلك يا ذا الجلال والإكرام.

• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.

د. عبدالله علي النهدي

عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى