من أجل النعم التي منَّ الله بها علينا نعمة العقل؛ فالعقل يُحرك الإدراك والتفكير والإبداع وملكة التفكير. والتفكير هو عملية عقلية ومعرفية نستخدمها لحل المشكلات واتخاذ القرارات المختلفة وطرح الأسئلة، ووضع الخطط وتنظيم المعلومات وإنشائها، ومعرفة الكثير من الأمور، ويخدم التفكير ما يوظف من أجله كتوظيف إيجابي لمنفعة البشرية أو توظيف سلبي للإضرار بها. وللتفكير أنماط كثيرة منها: التفكير العلمي، التحليلي، المنطقي، الناقد، الإبداعي، الاستنتاجي، الاستقرائي، التأملي، العاطفي، وأنواع أخرى لا يتسع المجال لذكرها، وللتفكير معايير عالمية: تشمل الوضوح، الدقة، العلاقة، والعُمق، كما أنها هناك مسلمات حول عمليات التفكير تتمثل في تشكيل وجهة نظر، تحقيق أهداف، اعتماد على معلومات، يؤدي إلى الاكتشاف، ويتم التعبير عنه، لما تم استنتاجه، وله تأثيرات. وللتفكير مستويان: أولًا: التفكير الأساسي: كالتفكير العادي للأنشطة العقلية غير المعقدة والمرتبطة بالحفظ والفهم والتطبيق، مع بعض المهارات القليلة الأخرى كالملاحظة والمقارنة والتصنيف. ثانيًا: التفكير المركب: لمجموعة من العمليات العقلية المعقدة التي تضم مهارات التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات وصنع القرار.
ونظرًا لأن التفكير أمر مهم للحياة؛ فيجب الاهتمام به في العملية التعليمية خلال مساعدة الطلبة في تطوير مهارات التفكير وتنظيمها لديهم، ووضع منهج دراسي لمادة التفكير ومهاراته كمتطلب للتعليم الأساسي والجامعي؛ لتشجيع مهارات التفكير لديهم، ولنجاح العملية التعليمية للتفكير بأن يكون هناك المعلم المؤهل لذلك، إلى جانب البيئة التعليمية الملائمة للتفكير، وأساليب التقويم، وللتفكير مهارات كثيرة مهمة للفرد ليكون مثمرًا ومؤثرًا ومنها: التفكير الناقد وما يتفرع عنه من مهارات الاستنتاج، الاستقراء، التميز، وتحديد الأولويات، والتعرف على وجهات النظر، الطلاقة، المرونة؛ مهارة التفكير الإبداعي ومنها الأصالة، التوضيح بالتفاصيل الزائدة؛ ومهارة جمع المعلومات ومنها التذكر والوصول إلى المعلومات، وشد الانتباه، الملاحظة والإصغاء وتدوين الملاحظات، طرح الأسئلة أو المساءلة، الوصف والتصنيف وتطوير المفاهيم؛ مهارات حل المشكلات بطرح الفرضيات واختبارها، تقييم الأدلة، عمل الخيارات الشخصية، تحمل المسؤولية وإصدار الأحكام والتعميم، التنبؤ ووضع المعايير وتطبيق الإجراءات والتفكير بانتظام وإدارة الوقت.
وهناك كتاب للأستاذ جودت أحمد سعادة بعنوان تدريس مهارات التفكير: (مع مئات الأمثلة التطبيقية)، فصل فيه عن أنواع التفكير ومهاراته التي بلغت خمس وأربعين مهارة تفكير مهمة، وجيل اليوم لديه من الذكاء الفطري والقدرات الإبداعية وطرق التفكير المتنوعة؛ نتيجة تقنيات العصر التي وجدت لديهم جعلتهم قريبين من المعلومات والحصول عليها سريعًا، مما يتطلب إعادة تأهيل طلاب الجامعات بطرق التفكير ومهارات وتعزيز ما لديهم من قدرات تخدم هذا المجال.
– عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
0