البيئة المكان الذي يُحيط بنا جميعًا، فالشجرة نستظل بظلها، ونستنشق هواءها، فهي شريان الحياة الذي نتقاسم معها وقود الحياة وطاقتها من أجل بنائها وعمارة الكون والمحافظة عليه.
كم من بيئةٍ دُمّرت فضاق المكان بأهله، ولم يعد صالحًا للحياة والاستيطان البشري، وأصبحت البيئة طاردة للإنسان وغير مؤهلة للعيش فيها. عندما تزداد الفجوة بين الإنسان والبيئة، وتتسع مساحة التدمير فيها، وتنتشر الملوثات بها؛ عندئذٍ تصبح البيئة مصدر خطر على حياة الفرد والمجتمع واستمراريته؛ لاختلال التوازن البيئي الذي وضعه الله -سبحانه وتعالى- في الكون لتستمر الحياة بصورة آمنة، ويحدث الاستقرار والإعمار للأرض بالخير والصلاح.
عندما نستشعر مسؤوليتنا تجاه البيئة والمحافظة عليها سنعيش بسلام ووئام، وتغدو الحياة أجمل مما نتصور، ونشعر بالسعادة؛ لأننا حافظنا على مكتسبات البيئة، وحققنا هدفنا في توفير بيئة آمنة وصحية، وهذا أمرٌ حث عليه ديننا الحنيف، وجعل الأجر والثواب لمن يحافظ على البيئة، ويميط الأذى عنها، ويزرع الشجرة حتى لو قامت الساعة، ويعمر هذا الكون وفق منهج الله سبحانه وتعالى، فيهنأ العيش في ظل تحقيق هذه الغاية، وتستقر الحياة، ويخف القلق تجاه البيئة وانتشار الملوثات حولها.
فالماء والهواء والتربة النظيفة من العوامل البيئية الرئيسة المؤثرة في صحة الإنسان، وبناء مجتمع حيوي قادر على مقاومة الأمراض، والمحافظة على صحته، والاهتمام بالسلوك البيئي السليم من أجل تنمية المواطنة البيئية.
والمواطنة البيئية تُعنى بضرورة الحفاظ على البيئة وعناصرها وأنظمتها من التلف والتدهور البيئي والتلوث، وهنا يبرز أهمية الوعي البيئي والثقافي والاجتماعي؛ لتعزيز دور المواطن في المحافظة على البيئة، والمشاركة في صياغة السياسات والإجراءات التي تسهم في الحد من التدهور البيئي، وتفعيل دور البيئة وطرق العيش السليم، وتهتم المواطنة البيئية بتنمية القيم البيئية والعادات والاتجاهات والسلوكيات التي تُعزز المحافظة على البيئة من العبث والفساد، وإيجاد جيل واعٍ ومدركٍ لدوره البيئي وقيمه الأخلاقية الواجبة تجاه بيئته.
وتتمثل أسس المواطنة البيئية من خلال تصحيح المفاهيم البيئية، وتعديل السلوك البيئي، وتصحيح الأفكار البيئية الخاطئة، ومعالجة كل سلوك سلبي ناتج عن غياب مفهوم المواطنة البيئية، وكذلك تنمية الوعي لدى أفراد المجتمع، وإكسابهم المهارات التي تُساعدهم في المحافظة على البيئة من أجل تنمية مستدامة.
إن عملية المحافظة على البيئة ترتبط بمدى وعي أفراد المجتمع نحوها، وتعد العملية التربوية عنصرًا مهمًا في نشر الوعي البيئي بين الطلاب من خلال المناهج الدراسية التي تدرس التربية البيئية؛ ليتم غرس السلوكيات الإيجابية لدى الطلاب نحو البيئة؛ وذلك بإبراز العلاقة الوثيقة بين الإنسان والبيئة وأهمية استمرار هذه العلاقة في الاتجاه الصحيح بما ينعكس إيجابًا على حياة الإنسان.
ويؤدي التعليم دورًا مهمًا وأساسيًا في التعرف على مكونات البيئة وتشخيص المشكلات البيئية، والمحافظة على موارد البيئة الأساسية عن طريق تعليم مفاهيم التربية البيئية كجزء جوهري في المقررات الدراسية؛ لتحقيق أهدافها، والخروج بالطلاب في زيارات ميدانية لدراسة مشكلات البيئة وعناصرها المختلفة على الواقع؛ مما يُساعد في تكوين اتجاهات إيجابية للمحافظة عليها وصيانتها، ويمكن توظيف المواطنة البيئية في المناهج من خلال:
1. تعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو البيئة لدى الطلاب.
2. تنمية الإحساس بأهمية البيئة لدى الطلاب.
3. أهمية العمل الجماعي في حماية البيئة واستثمار مواردها.
4. تنمية مهارات التفكير العلمي في التعرف على المشكلات البيئية والمشاركة في حلها.
5. الاهتمام بإدخال المفاهيم البيئية في المناهج الدراسية في التعليم العام.
6. أهمية التركيز على الأهداف التعليمية العامة للتربية البيئية في الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية.
7. الاهتمام بالأنشطة المنهجية في المدرسة، واعتبارها جزءًا من المنهج الدراسي، وتوجيهها نحو تنمية الاتجاهات البيئية، وتحويلها إلى سلوك دائم لدى الطلاب.
لنصل جميعًا إلى بيئة صحية آمنة تستحقنا ونستحقها، ونبني عليها آمالنا المستقبلية، ومشاريعنا الخضراء، في ظل قيادة رشيدة، تنحو بالوطن وأفراده نحو آفاق من التنمية المستدامة في كل المجالات.
0