دومًا أتذكّر أبي الحبيب الشيخ إبراهيم أحمد أزهـر “رحمه الله”، ويتبادر لذهني الكثير من الصفات الحميدة والوصايا النبيلة التي كان يؤمن بها وينصحني بها. فقبل ابتعاثي لدراسة الماجستير والدكتوراة في المملكة المتحدة في سبتمبر لعام 1994م وجّه لي أبي أربع وصايا مهمة؛ لتعزيز العلاقة بالله وتهيئتي لمواجهة تحديات الحياة، والتفاعل والتعامل مع الناس بخُلق حسن.
الوصية الأولى التي أعطاني إياها أبي الحبيب كانت تقوى الله، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها. فكان يُشدد على أهمية الاتصال المستمر بالله والاعتماد والتوكل عليه في كل الأمور، واستشهد بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: “اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ”. هذه الوصية تذكرني بأن أضع الله في القلب، وأن أحترم وأحافظ على فرائض الدين، وهي توجهني لتكوين علاقة قوية وصحيحة مع الله سبحانه وتعالى.
الوصية الثانية تتعلق بالتعامل مع الناس. كان يعتبر أبي الحبيب “غفر الله له” أن الدين يتجسّد في المعاملة؛ ولذلك كان ينصحني أن أكون حسن الأدب والأخلاق في تعاملي مع الآخرين. فكان يقول: “يا غريب كُن أديبًا”، وهذا يعني أنني يجب أن أكون سفيرًا لبلدي وأن أعكس قيم الإسلام السامية في تعاملي مع الناس، وأن أكون محترمًا ومتعاونًا ومتفهمًا.
الوصية الثالثة تنص على أهمية الدراسة وفقًا لفلسفة الإنجليز. فكان يقول لي: “Slow But Sure”. يعني أنه يجب عليَّ أن أدرس بتمعن وانتباه، وأن أفهم المواد بعُمق وأن أتطلع للحصول على المعرفة العلمية بشكل شامل ومنهجي، وكان يشجعني على أن أكون صبورًا ومثابرًا في مساري الأكاديمي.
الوصية الرابعة هي أيضًا من الفلسفة الإنجليزية وتقول: “لست غنيًا حتى أشتري شيئًا رخيصًا”. وهذا يعني أن القيمة الحقيقية للأشياء ليست فقط في سعرها النقدي بل في الفائدة والجودة التي تقدمها. فكانت هذه الوصية تحثني على أن أكون حكيمًا في إدارة أموالي وأن أنفقها بحكمة وعقلانية، وأن أركز على الاستثمار في الأشياء ذات القيمة الحقيقية والفائدة الطويلة الأجل.
باختصار .. كانت رحلة الابتعاث لدراسة الماجستير والدكتوراة في المملكة المتحدة رحلة ممتعة ومفيدة. كنت أتبع منهج الحياة الذي ورثته من وصايا أبي الحبيب المرحوم إبراهيم أحمد أزهـر، والتي تُركز على تقوى الله والمحافظة على الصلوات والتعامل الحسن مع الناس والدراسة بجد وتفانٍ، والحكمة في إدارة الأمور المادية. أشعر بالامتنان لهذه الوصايا القيَّمة التي وجهت، وشكلت رؤيتي وتصرفاتي في الحياة، وأدعو الله أن يتغمد أبي الحبيب المرحوم بواسع رحمته، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
#رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا
#شكرًا وطني الحبيب
#أسأل الله -عـز وجل- أن يوفق أبناءنا وبناتنا المبتعثين بالخارج.
– أستاذ جامعي – جامعة المؤسس