المقالات

إضاءات ..في حل الخلافات

تُشير الدراسات في المدن السعودية إلى كثرة الطلاق وارتفاع عدد حالات الخُلع، ولم يعد الأمر سرًّا بعدما كشفته الدراسات والتقارير في السنوات الأخيرة، وإن كانت لم تصل كظاهرة في المجتمع السعودي طالما لم تتجاوز ١٠ ٪ تقريبًا.
إن النظرة الفوقية للمرأة اليوم هي أحد أهم دواعي الانفصال؛ لأنها ترى من منظورها قدرتها على إعالة نفسها بعد دخولها مؤخرًا إلى سوق العمل على نطاق واسع؛ فأصبح الانفصال لا يهمها كثيرًا مع ما يُضاف لها من متغيرات أخرى كتخبيب المعارف أو تقليد المشاهير بعكس طلاق الماضي، وما يعتريه من نظرة المجتمع المتشددة حيالها.
إن الزواج رباط مقدس جناحاه المودة والرحمة، وهو نواة بناء المجتمعات ذكره المولى -عز وجل- في كتابه باسم “الميثاق الغليظ” ثلاث مرات؛ فإذا كان هو السبب في حفظ الأنساب فهو أيضًا مصدر من مصادر العفاف.
ولو أمعنا النظر إلى كون الزواج بين شخصين مختلفين في الثقافة والبيئة والطباع؛ فلأن الحب لا يعترف بالمسميات ولا يؤمن بالمسافات، وبالتالي فإن قضية الخلاف والاختلاف ومن ثم الانفصال خصوصية أسرية يمكن احتواؤها والصبر عليها؛ وخصوصًا إذا حضرت جدية أولياء أمور الطرفين والفتنة لا يطفئها إلا العقلاء؛ ولذا ينبغي عدم المبالغة بذكر ما حدث بينهما، والدخول بشكل متكرر في نقاشات لا تنتهي وجدال لا يتوقف على سلبيات محدودة لا ترقى إلى درجة الانفصال كما حدث معي في بعض حالات الصلح، وقبل ذلك فلابد أن ندرك بأن الزواج لا مثالية فيه وكلاهما معرض للنقص والتقصير، ولم يسلم من ذلك حتى بيوتات أشرف خلق الله والصبر على الزوج فضله عظيم وعاقبته أعظم، والناجحون هم الذين تخطوا تلك المراحل وعبروها بسلام، ولا يشك عاقل بأن من فتح قلبه طواعية لك لا يستحق أن تغرس فيه سهمًا غادرًا وعواقب الظلم وخيمة كما أن إهمال الزوج لزوجته أيضًا قبل أن يكون مخالفًا للشرع ففيه إشارات تدل على نبل الإنسان وتكشف معدن الرجال بعيدًا عن استغلال تنازلات أحد الطرفين.
والحقيقة المرة فإن الانفصال ليس بالأمر الهين، وهو خطوة مؤلمة وبالذات إذا كان مرتبطًا بالأبناء وإلا فمهما تظاهرا فكلاهما سيشعر بالندم، وأيام العمر أقل من أن تحتمل الهجر والانفصال قد يكون حلًا مرًّا وضرورة أحيانًا، ولكن ينبغي أن لا تكون نهاية العلاقة بينهما هو نهاية الأمن والسلام وبداية الحرب والانتقام.
وقفة: من أراد زوجته أن تكون كفاطمة بنت أشرف خلق الله فليكن هو كـ”علي بن أبي طالب” -رضي الله عنه-.
د. يعن الله

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى