عزيزي القارئ، لا يذهب تفكيرك بعيدًا، فنحن لا نقصد هنا إلى ما يُمارسه اليهود في معتقداتهم ومذاهبهم، بل نريد استكشاف ما يتعلق بدور اليهود في الساحة السياسية؛ خاصة في أمريكا والتأثير الذي أظهروه في الحروب السابقة، والصراع الحالي في قطاع غزة. لقد تساءلنا كثيرًا عن الدعم الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل، فهل هو جزء من مؤامرة على الإسلام والعرب؟ أم أن إسرائيل تمتلك مكانة استراتيجية في الجغرافيا الأمريكية؟ وما هو سر تفضيل مصلحة إسرائيل على مصالح الولايات المتحدة وبقية دول العالم؟
إذا أردنا البحث عن إجابة على هذا السؤال، فلنلقِ نظرة على الأمور في الولايات المتحدة. يعود الأمر إلى هجرة اليهود الكبيرة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية والفترة التي سبقتهما؛ حيث هاجروا إلى الولايات المتحدة. خلال تلك الفترة، قام اليهود بتأسيس بنوك ومصانع للسلاح واستخراج النفط ومصانع للأدوية؛ فضلًا عن تأسيس المؤسسات الإعلامية والتقنية، وساعدت الديموقراطية والرأسمالية في توفير بيئة مناسبة لهم لممارسة أعمالهم التجارية، وتوسيع نفوذهم بشكل كبير.
ومع ذلك، فإن هذا النفوذ الذي حصل عليه اليهود لم يقـتصر على مجرد الشؤون التجارية، بل جعلوا من نفوذهم قوة سياسية حقيقية عن طريق إنشاء أكبر وأقوى اللوبيات اليهودية في أمريكا؛ ولذلك، فإن أي دولة ترغب في تحقيق أهدافها من الولايات المتحدة، فمن الطبيعي أن تتجه أولًا إلى هذا اللوبي قبل التوجه إلى المسؤولين الرسميين في الدولة.
لكن كيف يمتلك هذا اللوبي هذه السطوة الكبيرة وما هو سر القوة التي تجعل من مصير السياسة الخارجية الأمريكية معتمدة بشكل كبير على هذا اللوبي؟ أولًا: يأتي الأمر من النقود؛ حيث يمكن للأموال أن تؤثر على اختيار المرشح الرئاسي أو النائب البرلماني، إذ يدعم اللوبي حملتهم الانتخابية ماليًا ويساهم في تحقيق أهدافه. ثانيًا: يسيطر هذا اللوبي بشكل كبير على وسائل الإعلام، مما يؤثر بشكل كبير على صورة الرئيس أو النواب وعلى السياسات الداخلية والخارجية. ثالثًا: تتأثر النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية بشكل كبير بالكتلة التصويتية؛ حيث على الرغم من أن عدد اليهود لا يُشكل ستة ملايين، إلا أن هذه الأصوات مضمونة من قبل اللوبي وتلعب دورًا مهمًا في تحديد نتائج الانتخابات لصالح المرشح الذي يضمن هذه الأصوات.
ما نسعى إليه في هذا المقال من إخواننا المسلمين في أمريكا، الذين يبلغ عددهم حوالي الأربعة ملايين على الأقل، هو توحيد أصواتهم في الانتخابات وتوجيهها نحو اتجاه واحد من كيانٍ واحد؛ بهدف الاستفادة من قوة التصويت لصالح قضايا المسلمين، ومن بينها القضية الفلسطينية التي تحتل مكانة مهمة. كما ندعو من هذا المنبر إلى توحيد النفوذ الخليجي داخل أمريكا، ودمجه في كيان واحد، بدلًا من تشتيت الجهود والموارد والوقت في قضايا متفرقة قد تكون بعضها ذا فائدة وبعضها الآخر لا يكون كذلك.
إن إسرائيل ليست جزءًا من الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تُشكل ولايةً أمريكية، كما أنها ليست مؤامرة ضد الإسلام والعرب. الأمر يتعلق بكيفية إدارة الأمور من خلال تأثير اللوبيات داخل الولايات المتحدة، والتي تُمارس ضغوطًا على الرئيس وأعضاء الكونغرس لاتخاذ القرارات، سواءً من خلال النفوذ المالي أو الضغط الإعلامي أو الضغط الانتخابي. فلنتفق أولًا على أن هذه واقعية استراتيجية تمتلكها إسرائيل، ثم نقوم بالخطوات الأولى المشتركة لتوجيه قوة أمريكا الاقتصادية والعسكرية والسياسية نحو مصالحنا وأهدافنا.
eng_alwaleeed@
أتفق معك تماماً فيما ذكرت ..
إلا نقطة واحدة وهي استبعادك لأثر المعتقد اليهودي وتقاربه من المعتقد النصراني ، فهذه النقطة لها وزنها المؤثر في المعادلة ، وبالتالي فإننا كمسلمين سنفتقد هذه النقطة لكراهية اليهود والنصارى لنا ، ومن قال ذلك ؟ قاله رب العالمين ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) .