إنّ اختبارات الذكاء المعيارية تضر بعملية تطوير التعليم الذي تهدف له هيئة تقويم التعليم، والدفع المستمر نحو استحداث المزيد من الاختبارات المعيارية منخفضة الموثوقية، سيضر بالبيئة التعليمية وتنمية مهارات الطلاب. نتفق أن التقنية أداة سهلت جمع وتحليل البيانات، ولكن سيكولوجية المتعلم ليست تقريرًا يُطبع من مختبر. مازالت التطبيقات قاصرة عالميًا عن تقديم اختبار لقياس الذكاء؛ لذا لا يوجد نظام عالمي يُخصص اختبارًا يُصنف ذكاء المتعلمين على أساسه.
هناك دراسات رصينة تُقلل من صدق وثبات هذا النوع من المقاييس، فبحسب بعضها، تتداخل الذكاءات بين بعضها ولا يمكن تحديد قياس منفرد لكل نوع بمعزل عن تأثير باقي الأنواع، علاوةً على أن لبيئة المتعلم تأثيرًا كبيرًا على نتائج قياسه، وأن نسبة ذكاء المتعلم وهيمنة نوع ذكاء معين على الآخر هي عناصر متغيرة عبر مراحل حياته.
غالبية خطط التعليم في الدول المتقدمة تدفع نحو تطوير الممارسات التعليمية داخل الفصل الدراسي، وتطوير أساليب التعليم ومراعاة الخصائص الفردية وتنمية مهارات المتعلمين، والعمل على فهم الطريقة الأمثل لتعزيز نقاط القوة والتميز لدى كل متعلم بما يُساعد على تنمية قدراته وتفوقه ويتفق “هوارد جاردنر” صاحب نظرية الذكاءات المتعددة مع ذلك.
هذا هو النموذج الغربي الحديث للتعليم، وفي أفضل ثلاثة نماذج تعليمية عالميًا في فنلندا وسنغافورة وكندا، وهو ما نقوم بتدريب طلاب الماجستير عليه، وهذا ما تعلمناه في كليات التربية في الجامعات المرموقة، وما يقوله الخبراء الدوليون.
إن المعلم المُعَد إعدادًا جيدًا هو حجر الأساس لأي نظام تعليمي، لا يمكن الاستمرار في تحجيم دوره في قياس طلابه بهذا الشكل، عملية القياس علاج؛ فالتغذية الراجعة والتقارير التي يضعها تُساهم في تنمية مهاراته وتحسين نواتج التعلم.
يجب أن يقوم نظام التعليم بتعزيز مهارات المعلم لفهم الاختلاف بين الطلاب، وفهم البيئة التعليمية، واستخدام طرق تعليم مناسبة وأنشطة مختلفة كالتعلم التعاوني وحل المشكلات لتنمية مهارات طلابه في التفكير ومهارات المستقبل، ورسم رحلة ممتعة مميزة للطالب.
لنقلب الهرم ونهتم بالمعلم وتدريبه على اكتشاف وتنمية مهارات الطلاب، وكما ذكر معالي وزير التعليم فإن عملية التقدم في التعليم تحتاج إلى وقت طويل وجهد.
– أستاذ التربية واللغويات التطبيقية جامعة الملك عبد العزيز