يبدو أن تقنية “واتساب” أصبحت مُحددًا هامًا لاتجاهات العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والأسر؛ حيث يُلاحظ اعتماد شريحة كبير جدًّا من المجتمع على هذه التقنية في التواصلات الاجتماعية اليومية، وفي المناسبات والأخبار وغيرها، ومكمن المشكلة هي في تفسيرات الرسائل وردود الأفعال تجاهها. فنسمع تفسيرات سلبية تفكك العلاقات الاجتماعية فعلى سبيل المثال: (أرسلت ولم يقرأ). (أرسلت وظهر خط القراءة الأزرق ولم يرد). (رد اليوم الثاني) (الظاهر مسوي لي حظر) وهكذا… حيث تعبر هذه التفسيرات عن قناعات خاطئة في نظم العلاقات الإنسانية؛ إذ يفترض المرسل اهتمام المرسل إليه به، ووجوب تفاعله مع كل ما يكتب في كل وقت، وأن عدم التفاعل يعني أن ثمة تجاهل أو غضب أو كراهة وبغضاء مبطنة، وخلاف ذلك. وينطبق هذا الأمر أيضًا على المجموعات وخاصة الأسرية أو مجموعات العمل، وكم أحدثت هذه التفسيرات من تقطع الأواصر ونشوء العداوات، وتفكك جماعات العمل، وغير ذلك من السلبيات التي يصعب حصرها. وفي الحقيقة أن التواصل بتقنية الواتساب أشد حاجة لتطبيق قانون “المساحة”، وهو يقدم لمن يطبقه وقاية مؤكدة من الصدمات النفسية والعاطفية، وهذا القانون يفترض أن لكل شخص مساحة من الحرية في العلاقات مع الآخرين أيًّا كانت حيث تلغي هذه المساحة الاندماج الكامل وفرض القيود وتذويب الشخصية والتبعية وغيرها من المشاكل المترتبة على العلاقات. وبهذا القانون يصبح من السهل تقبل بعض تصرفات الآخرين، ووضعها في مساحة الظن الإيجابي انطلاقًا من مبدأ ابحث لأخيك عن سبعين عذرًا؛ فإن لم تجد فرده إلى نفسك، وهذا يقدم الاعذار ويحمي الأواصر والصداقات والعلاقات مما يُسهم في تقوية العلاقات الاجتماعية واستدامتها..
0