المقالات

مهارة الأمل

“الحياة قد تتعثر، ولكنها لا تتوقف.. والأمل قد يقل، ولكن لا يموت أبداً.. والفرص قد تضيع، ولكنها لا تنتهي.. لذا تفاءل ولا تيأس مهما كانت الظروف”

بعض الكلمات كفيلة بأن تحييك من جديد، وتجمع شتاتك المتفرق، واغترابك الداخلي، ولها قدرة أقوى في تصفية العمق من شوائب لازمتك كثيراً لتسقطك، وعملت فيك دهراً لتنهي رحلتك، وتكتب النقطة الأخيرة في تاريخك، وفي المقابل هناك إيحاء شيطاني يمثل وعود الشقاء والبؤس والانكسار والفشل…… والخ من تلك الكلمات، التي تتقن فن الهدم أكثر من إتقان أحدنا طريقة التنفس.

“الأمل”.. لست أدري هل يمكن تسميته أسلوب، أم مهارة، أم هبة، أم ترياق، أم هو دواء الحياة وغذاء الروح؟ وكلما أغرقت فيه أكتشف أن المحددات التي وضعها الإنسان في تعريفه جعلت الأمر أكثر ظلما له، وأكثر بغياً وتجنياً لمن يتعامل به ومعه، وكأننا نُهدى شيء أكبر مما نستحق، فلا نعرف قدرة ولا نستثمر وجوده، تماماً كمن يُهدى قلم وهو لا يعرف كيف أن يمسكه فضلاً أن يكتب به، فاستقام أداة عند من لا يفعّلها وممكّنٌ عند من لا يقدره.

الأمل صنيعة الواقع بقدر صنيعة الروح في استنباطه واستمالته إلى صفها، وليس له سبيل علينا في ظروف جعلتنا نعيش الحياة كما نتوقعها ونتوقع القادم كما رسمنا ماضيه.

وفق ذلك التكفير سيكبر الأمل معنا متى كبرت محاربة الحياة لنا، ويتكاثر في أرواحنا مع تعاظم الظرف الذي يستوجب العداء، وكأن الداء هو ذاته الدواء، وما نخشاه هو أكثر ما نتمناه.

الأمل عبادة تتجاوز الكثير مما درج في مخيلتنا عن مصطلح العبادات، ويصفّي القلوب أكثر من أي عبادة أخرى، كما أنه تحقيق للأيمان، وتفعيل لليقين الذي طالما نسعى في تحقيقه، بل وأكثر من هذا، إذ لا يوجد شيء يستحق السعي كسعينا وراء اليقين.

لكل أداة عملها متى أُجهدتْ المعطيات في ذلك الباب، وهنا نعود للقلم الذي يملكه من لا يحسنه، والسيف الذي في يد جبان لا يملك هزه، فضلاً عن استعماله، وهنا يأتي دورنا الحقيقي إذ أن الظروف ربما لم تختلف كثيراً بين الجميع، ولم تطاوعنا الحياة، وهذه أرض خصبة كما سبق، وبقي عملنا نحن في تلك الظروف وكيف نستقي معها أملاً يخرجنا منتصرين.

بصلاحية الايجاز ومختصر الكلم، يمكن تفعيل تحقيق الامل بــ أن القادم الذي تخشاه لا تعلمه ولو قدّر أن يكون كما تخشاه فلن تكون محل استشارة في أن يقع أو ألا يقع، ومادام الأمر على هذا النحو فما يضيرك أن تتأمل خيراً وترقب نفعاً وترتجي معروفاً!

ختاماً.. الشيطان يعدكم الفقر….. فقط الشيطان من يعدكم به.

رياض بن عبدالله الحريري

كاتب وصانع محتوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى