المقالات

الدراسة عن بُعد في رمضان

تكثر الأماني في كل رمضان أن تتوقف الدراسة في رمضان أو على الأقل تكون عن بُعد، وظاهرة الغياب في رمضان ظاهرة مشاهدة، ولم تُعالج مشكلتها حتى الآن منذ زمن بعيد؛ فهي مشكلة تتكرر كل عام، ويكثر حولها اللغط والجدل والنقد والاتهامات.

وجميع الحلول المقترحة لإلزام الطلاب بالحضور الجسدي تظل عند تطبيقها لا تُفيد العملية التعليمية؛ فالحماس في التدريس يكاد يكون منعدمًا لدى الطلاب والمدرسين بسبب أثر الصيام إما جوعًا أو عطشًا أو إرهاقًا أو نعاسًا بسبب السهر، وهو الغالب على الجميع، فالعطاء قليل حتى لو حضر الطلاب جميعًا، ومن المؤكد أن المسؤول لا يقصد الحضور الذي لا ثمرة له بل يقصد حضورًا له ثمرة، وهذا لا يتحقق في رمضان، أضف إلى ذلك المشكلات الصحية التي قد يؤثر عليها الصيام لدى المدرسين أو الطلاب كالسكر والضغط، وغيرها مما يجعل العطاء لأصحابها محدودًا بل منعدمًا.

وكل التنظير في الحلول من قبل بعض الناس البعيدين عن العملية التعليمية من كتاب وغيرهم لن يجدي نفعًا؛ خاصة أنه غالبًا لأناس لم يدرسوا يومًا ولم يعرفوا التعب الذي يلقاه المدرس في التدريس.

التدريس مهنة شاقة لمن كان مخلصًا؛ فهي تتعامل مع العقول بخلاف غيرها من المهن التي تتعامل مع المادة.

وإن فرض غرامات على الآباء عند غياب أبنائهم، والتي يُنادي بها البعض أسوة بدول تفرضها قد يكون حلًا للحضور لكنه لن يحل الشغف لدى الطلاب في تلقي العلم، وقد يُسبب ثقلًا ماديًا على الآباء خاصة أولئك الذين لا يبالون بمستقبل أبنائهم.

وتأخير زمن الدراسة أو تقديمها في رمضان ليس حلًا، في ظل سهر الطلاب بالليل ونومهم بالنهار، حتى إنهم يجبرون على الاستيقاظ؛ فتجدهم يمشون يتمايلون بسبب آثار النعاس ويتوقون للدخول للفصل؛ ليضعوا رؤوسهم على الماصة.

القرارات لا تراعي جانب التشويق في طلب العلم والتحفيز ليست محمودة دائمًا، فالعقوبات دائمًا ليست هي الحل الأمثل؛ لأنها تقتل الشوق ويساق الطلاب للعلم وخطواتهم ثقيلة ونفوسهم كارهة.

ولو كانت الدراسة عن بُعد في رمضان لكانت أفضل لأسباب منها:
١- لا مشقة على أحد.

٢- فيه ضمان باستمرار الدروس بينما حاليًّا الدراسة حضورية والحضور قليل بل هو منعدم في الأسبوع الأخير، ولا دروس تُعطى بحجة الغياب بل قد تجد بعض المراقبين على المدارس التي يزورونها ربما غيب أبناءه.

٣- يسهل متابعة الأساتذة عند تدريسهم عن بُعد، ومعرفة من أعطى ومن لم يعطِ بخلاف الدروس الحضورية.

٤- ثبتت كفاءة الدراسة عن بُعد وأثنت عليه الوزارة أيام كورونا بل وجعلته حلًا لاستمرار الدراسة عند غياب الطلاب بسبب الأحوال الجوية …فكيف بغيابهم الجماعي بسبب الجوع والعطش والسهر.

وما دام هناك مشكلة وهي الغياب الجماعي باتفاق بين الطلاب أو بغيره؛ فالدراسة عن بُعد حل يكاد يقبله الأطراف جميعًا، وأرجو أن يعتمد في السنوات القادمة.

أعان الله مسؤولي التعليم ووفقهم في مهمتهم الشاقة العظيمة.

أ.د. عمر بن عبدالله الهزازي

أستاذ الكيمياء بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى