المقالات

الأمانة بين اللصوص

تتنوع السرقات وأشكالها وشخوصها وأهدافها.
هناك من يسرق لقمة، وثانٍ يسرق روحًا، وآخرون يسرقون وطنًا، والبعض يسرق مجتمعًا، وثلة تسرق أحلامًا، وقليل يسرقون بنوكًا تمشي على الأرض.
والسرقات في كل الأديان والأعراف والمعتقدات والمجتمعات مذمومة، ويُعاقب السارق حسب الأنظمة المتبعة في كل قطر ومصر حسب القوانين المتبعة سواءً كانت سماوية أو وضعية. ربما ينجو البعض من العقاب لأسباب أعرف شيئًا منها (وليس كل ما يعرف يُقال)، ولا أعرف الكثير (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (المائدة: 101). بيد أن هناك نوعًا فاخرًا وفخمًا من السرقات يتقنه ثلة ممن نصفهم أنهم (مثقفون)، ويأتي من بعدهم المتعلمون وبعض من الكتّاب والدارسين في الجامعات، وكثير ممن نراهم على وسائل التواصل. هذه السرقة هي: سرقة الأفكار بمختلف أنواعها وتصنيفاتها. هذه السرقة لا تُضبط ولا يُمسك صاحبها ويداه مخضبتان بالحبر red handed إلا نادرًا، وهي منتشرة منذ القدم وليست حديثة، لكنها زادت بشكل واسع مع انفتاح العالم على بعضه حتى أضحى أشبه ما يكون بسوبرماركت.
تصدى العرب منذ ألف سنة ونـيّف لهذه الظاهرة/المشكلة خصوصًا فيما كان يهمهم، وما كانوا يمارسونه بشكل يومي في مجالسهم، وأسواقهم وتجمعاتهم، وحروبهم ومعاركهم، وأوقات لهوهم، ذاك هو الشعر والسرقات التي تنتابه.
وقالوا في تعريف (السرقات) الشعرية:
هي أن يعمد شاعر لاحق، فيأخذ من شعر الشاعر السابق: بيتًا شعريًا، أو شطر بيت، أو صورة فنية، أو حتى معنى ما.
وقال كعب بن زهير:
ما أرانا نقول إلا مُعادًا
أو مُعارًا من قولنا مكرورا
ونفى طُرفة بن العبد عن نفسه سرقة أشعار غيره، فقال:
ولا أغيرُ على الأشعارِ أسرقُها
عنها غنيتُ، وشرُّ الناسِ من سَرَقا
وقد ضيّق بعض النقاد الخناق على الشعراء، فرأوا في إيراد الكلمة المثيلة نوعًا من السرقة! وفي إيراد الخاطر، ولو على غير المثال السابق، سرقة! كما فعل مهلهل بن يموت في كتابه: (سرقات أبي نواس)؛ حيث قال إن بيت أبي نواس:

دَعْ عنك لومي فإنَّ اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانتْ هي الداءُ
مسروق من بيت الأعشى:
وكأسٍ شربت على لذةٍ
وأخرى تداويتُ منها بها) *
نلاحظ أن الكلمة المثيلة سرقة، وإيراد الخاطر سرقة، أي أنه ليس هناك ما يُسمى توارد خواطر، أو وقع الحافر على الحافر. السرقة سرقـة.
وفي اللغة الإنجليزية هناك مصطلح Plagiarism** الذي يحتوي على عدة معانٍ:
– ادّعاء كاذب.
– سرقة فكرية.
– سرقة أدبية.
– شيء منتحل.
ويتسع التعريف:
السرقة الأدبية هي أخذ عمل أو أفكار شخص آخر، وتقديمها على أنها أفكاري الخاصة. يمكن أن تكون متعمدة أو غير مقصودة، لكنها دائمًا خاطئة. هناك العديد من أنواع السرقات (الأدبية) المختلفة، بما في ذلك:

– السرقات الأدبية المباشرة: هذا عندما ينسخ شخص عمل شخص آخر كلمة بكلمة دون الإشارة إلى المصدر.
– السرقات الأدبية عن طريق النقل الحرفي: هذا هو عندما تنسخ أفكار شخص آخر، وتُعيد صياغتها بكلماتك الخاصة دون الإشارة إلى المصدر.
السرقات الأدبية المرقعة: هذا هو عندما تجمع بين أجزاء مختلفة من أعمال أشخاص آخرين لإنشاء عمل خاص بك، دون الإشارة إلى المصدر.
وتُعتبر السرقة (الأدبية/ الفكرية) مخالفة خطيرة، ويمكن أن يكون لها عواقب وخيمة. إذا تم القبض على الشخص مرتكب السرقة الأدبية/الفكرية، والحديث هنا عن الدارسين في الجامعات فقد يفشل في الفصل الدراسي، أو يتم طرده من المؤسسة التعليمية (ذلك لا يحدث في عالمنا ولله الحمد).
هناك العديد من الطرق لتجنب السرقة الأدبية/الفكرية، وأفضل طريقة هي أن يكون الشخص صادقًا في النقل، وأن يشير إلى المصدر الذي أخذ منه المعلومة.
ويتوجب على الكاتب/الباحث/الدارس/ (المثقف) لتجنب السرقة الأدبية/الفكرية:
– تتبع المصادر أثناء القيام بالبحث مما يسهل الاستشهاد بها بشكل صحيح.
– استخدام علامات الاقتباس إذا كان النقل مباشرة من نص ما للإشارة إلى أن الكلمات ليست ملكًا للكاتب.
– كتابة المراجع والمصادر في نهاية البحث أو المقال للتوثيق وليستفيد القارئ لو أراد الرجوع للتأكد من المعلومات الواردة في المادة التي بين يديه.
أعلم يقينًا أن خربشتي هذه لن توقف السرقات الفكرية، ولن تقلل منها، لكني أردت تبرئة ذمتي من السرقات.
علي عويض الأزوري.
………………
• التناص في الشعر: محمد عزام. منتديات ستار تايمز.
• ويكيبيديا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى