انتشرت خلال السنوات الأخيرة على معظم وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع لأطباء رسميين أو معالجين شعبيين أو حتى من عامة الناس يقدّمون من خلالها نصائح طبية عامة للمرضى أو المتابعين لهم، فباتت هذه المواقع ملجأ لأخذ النصيحة الطبية من أشخاص لا يُعرف ما إذا كانوا يقولون الحقيقة أم أنّهم محتالون يهدفون من ادّعائهم الطب الشهرة وكسب المال، فانعكست مخاطر هذه المواقع على صحة المتابعين، وأصبحت مكافحة تلك المعلومات الطبية الخاطئة أكثر صعوبة من مكافحة المرض نفسه؛ وذلك بسبب انتشار هذا الكم الهائل من المقاطع التي تُقدم تلك المعلومات والوصفات الطبيّة ليل نهار !
ومما زاد الأمر سوءًا تغلغل مجموعة من الأطباء في تلك المنصات وتحويلهم الطب إلى سلعة وسوق تحكمه معايير العرض والطلب؛ فتهافت البعض منهم على هذا السوق الذى لا قانون له يضبطه، وباتوا ينشرون معلومات مضلّلة لا تفيد المتابعين بل تضرّهم في حال أخذوا بتلك النصائح والمعلومات؛ خاصة نصائح ما يسمى بعيادات التشخيص عن بُعد، التي انتشرت كما تنتشر النار في الهشيم، مع العلم أن الكل يعرف أن الكشف على المريض لا يمكن أن يكون مُجديًا إلا بزيارة عيادة الطبيب والكشف عليه سريريًا وعمل التحاليل والفحوصات الإشعاعية التي توضح نوع المرض والعلاج المناسب له، أمّا ما يروج له بالكشف على المريض عن بُعد فإن كل ما يمكن للطبيب أن يفعله هو توجيه مرضاه بمعلومات ووصفات قد تكون سببًا في هلاكهم، وربما كانت تلك الوصفات مُجرد دعاية وشهرة للطبيب نفسه أو تسويقًا لمنتجات طبية لشركات أدوية معيّنة من أجل الحصول على نسبة من أرباح تلك الشركات، بل إن البعض بات يخوض فى تفاصيل علاجات وأدوية مازالت فى طور البحث العلمي، ولم يتم اعتمادها من قبل جهات الاختصاص، وكل ذلك من أجل الحصول على السبق العلمي دون القيام بتجارب كافية على تلك الأدوية.
وختام القول يبدو أنه لا يوجد ناجٍ من لعنة “السوشال ميديا”، فقد نالت فى الآونة الأخيرة من مهنة الطب ما لم تنله من مهن أخرى، فقد وصل الأمر إلى تداول ونشر معلومات وأحاديث مُرسلة دون أي سند علمي، وما لجوء بعض الأطباء بمختلف تخصصاتهم إلى إنشاء صفحات تحمل أسماءهم يتداولون من خلالها المعلومات الطبية ووصف العلاجات النافعة والضارة على حد سواء إلا أكبر دليل على نشر ثقافة طب السوشال ميديا الوهمية من أجل الكسب المادي، لذلك فإنه ينبغي على متابعي تلك الصفحات عدم تصديق كل ما يرونه ويقرأونه عبرها، واللجوء دائمًا إلى الطبيب المختص فالجميع مسؤول عمَّا يشاهده ويسمعه من معلومات طبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وعليه أن يحكم ما إذا كان الشخص الذي يتابعه طبيبًا حقيقيًا أو حالمًا بالشهرة والملايين.
وخزة قلم:
الجدل الذي دار بين طبيبين مؤخرًا حول أحد المنتجات الغذائية يستحق أن يكون جرس إنذار لوزارة الصحة والمسؤولين فيها.