المقالات

معرفة ليلة القدر

ذكر ربنا تبارك وتعالى أن ليلة القدر خير من ألف شهر، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وقد اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر على أقوال كثيرة، حتى وصلت الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولًا كما جاء في “فتح الباري”، وأقرب الأقوال للصواب أنها في وتر العشر الأواخر من رمضان، كما جاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ).

والحكمة من إخفائها هي تحفيز الناس لبذل الجهد في القيام وقراءة القرآن والدعاء والذكر في العشر الأواخر كلها؛ ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف فيما لو تم تحديدها بليلة معينة ربما يقتصر الاجتهاد على تلك الليلة فقط دون غيرها؛ ولذلك لا يمكن لأحدٍ أن يجزم أن ليلة بعينها هي ليلة القدر، إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبر أمته بها ثم أخبرهم أن الله تعالى رفع العلم بها.

وإذ كانت ليلة القدر قد ترى بالعين لمن وفقه الله سبحانه، وذلك برؤية أماراتها التي كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يستدلون عليها بعلامات، ولكن كما يقول الشيخ/ ابن باز -يرحمه الله- أن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قامها إيمانًا واحتسابًا، فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في تحريها في العشر الأواخر من رمضان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم طلبًا للأجر والثواب؛ فإذا صادف قيامه إيمانًا واحتسابًا هذه الليلة، نال أجرها وإن لم يعلمها.

ومن هذا المنطلق لا أدري لماذا نشغل أنفسنا بمطاردة الأخبار في مثل هذه الأيام من كل عام لمعرفة في أي ليلة كانت، وتكثر اجتهادات هواة السبق في تحديد وقتها من خلال رؤية رآها الرائي أو نور أشع في غرفة مظلمة أيقظ النائم من نومه أو علامات رآها أحدهم في صبيحة يوم كذا..
أنا لا أطعن في مصداقية أحد ممن يدعون هذا الأمر، ولكن أتمنى عليهم ألا يثبطوا عزيمة الناس ويضعفوا من همتهم بأن الليلة قد جاءت وانتهت؛ وكأننا نقول لهم ليس هناك حاجة أن تتعبوا أنفسكم فقد قضي الأمر. فحتى وإن مرت علينا تلك الليلة فمايزال فيما تبقى من أيام وليالي الشهر الكريم الكثير من الرحمات والبركات والخيرات.

خير الدعاء:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى