شهد قطاع الأعمال خلال العقد الماضي تغيُّرات متسارعة؛ ونتيجة لتلك التغيرات فإن مهارات القوى العاملة والشروط المطلوب توافرها، تغيرت هي الأخرى عما كانت عليه في السابق.
وفي مقال للكاتب “مايكل كينج”، نشرته مجلة “كلية هارفرد للأعمال”، قال فيه: “إن المهارات المطلوبة لنجاح القوى العاملة تتمثل في مهارات التحليل التقني، وحل المشكلات، والرشاقة، والعمل الجماعي، والتواصل في سياق العمل؛ إضافة إلى القدرة على التكيف السريع”.
فثمة وظائف اليوم لم تكن موجودة في السابق، وبعد سنوات ونتيجةً لتسارع وتيرة إنتاج المعرفة ستكون لدينا وظائف جديدة باشتراطات جديدة ليست قائمة الآن.
وفي الوقت الذي يحصل فيه كل هذا الأمر، هناك قطاع واحد يجب دعمه؛ ليتمكن من اللحاق بالركب، ألا وهو قطاع “التعليم العالي”.
إن السرعة التي تتطور بها متطلبات الابتكار التقني وقطاع الصناعة، تفوق بأشواط قدرة “التعليم العالي” على التكيف معها، فنظامنا التعليمي لا يزال في جزءٍ منه، يركز على الحفظ، والتلقين، ومناهج لم تعد تُلبي متطلبات العصر، الأمر الذي يبقي الطلاب غير مهيئين للدخول إلى سوق العمل، فكيف يمكننا أن نتوقع من الخريجين أن يكونوا موظفين فعّالين في وقت نستعمل فيه نماذج عفا عليها الزمن في تحضيرهم وتهيئتهم.
فالطلاب يحتاجون إلى مشورة مهنية، وخبرة في مكان العمل، لتطوير مهاراتهم في سياق مهني، وهم أيضًا بحاجة إلى مهارات تنظيم المشاريع إذا أرادوا إنشاء وظائفهم الخاصة؛ لذلك نحتاج إلى التأكد من أن لدينا نماذج تعليمية مناسبة، تتلاءم ومجموعة من الاهتمامات والتطلعات المهنية الحالية، وبالتالي فإن تعزيز قيمة “التعليم العالي” هو واجب المرحلة، حتى يستطيع تمكين الطلاب لحياة ما بعد الجامعة.
إن توفير تعليم قائم على الخبرة العملية، والتجربة، هو أمر أساسي لسد الفجوة الموجودة حاليًا في الأداء، ومن الأمور الهامة والتي تعتبر جزءًا لا يتجزّأ من ذلك، بناء شراكات بين “التعليم العالي” و”القطاع الخاص”؛ بهدف خلق نظام “تعليم عالٍ” أكثر جودة، في عالم يشهد تنافسية شديدة في قطاع التعليم..
لقد نجح التعليم العالي في المملكة، ولأجيال متعددة في تلبية احتياجات سوق العمل؛ وعلى الرغم من أن القطاعات الحكومية والخاصة لم يسبق لها أن واجهت هذا الحجم من التغيير والتحولات الجذرية التي تواجهها هذه الأيام، إلا أن هذه التحديات لا تخلو من فرص هائلة للمؤسسات وقادتها؛ لإيجاد طرق لتقديم المزيد من القيمة للخريجين والقوى العاملة على حدٍ سواء.
إن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، والتعاون مع القطاعات الصناعية والاقتصادية وغيرها؛ بهدف بناء نموذج تعليمي جديد، وخلق نظام مرن يسمح بصياغة طريقة جديدة في العمل والتعلم، لهو واجب المرحلة.
لقد حان الوقت خاصةً ونحن نعيش رؤية ولي العهد -يحفظه الله-، لإعادة بث الحياة في نطام “التعليم العالي”؛ بحيث تكون مخرجاته قادرة على التكيف مع عالم دائم التغير والتطور.
0