تدورُ في مخيلتي أسئلة ناضجة ونابضة بالحبِّ والخيال حين أسرح في غزلياتِ شعراءِ العربِ القُدامى كالشاعرِ العُذري كثيِّر عزَّة حين يقول:
وَمــا لِـلـهَوى وَالـحُبِّ بَـعدَك لـذَّةٌ
وَماتَ الهَوى وَالحُبُّ بَعدَك أَجمَعُ
تُرى ماذا رأى من جمال عزَّة حتى فاض بهذا الجمال، ويعود بي الخيال إلى
قول قيس بن الملُّوح:
وليسَ الذي يجرِي من العينِ ماؤُها
ولـكـنّـهـا نــفـسٌ تـــذوب فـتـقـطرُ
وقوله:
تَبَدَّت لَنا كَالشَمسِ تَحتَ غَمامَةٍ
بَدا حاجِبٌ مِنها وَضَنَّت بِحاجِبِ
وتطوف بي العين في الشعراء بعدهم وقبلهم كالأعشى والدميني وعمرو بن أبي ربيعة وابن ذُريح وجميل بن معمر وغيرهم.
ترى ماذا سيقول الشاعر العربي لو رأى جمال رزان جمال أو إنجلينا جولي أو نيكول كدمان أو جنيفر لوبيز أو غيرهن من جميلات العالم في روسيا والبرازيل وتركيا والمغرب وفرنسا..
سواءً الجمال الطبيعي أو المصطنع بالمكياج وعمليات التجميل، وتحت الأضواء التي كشفت كل شيء وأيَّ شيء
أتُراهُ سيموتُ كمدًا أو سيسرحُ بنا في دواوينَ جديدةٍ وبكائياتٍ دامعة ورومانسياتٍ حالمة شعرٌ تحفُّه الطيورُ وتحرسُهُ النجوم، ويحلِّق بنا في فضاء الكلمة وجمال الصورة ودقة التعبير، وروعة البيان وتفاصيلِ التفاصيل..
هل يا تُرى سيبقى حبيسَ الأساليب القديمة والنُّظم اللغوية المعقَّدة أم سيأخذ من جمال الجميلات ما أخذه جريرُ منهن فقال:
إن العيونَ التي في طرفها حورُ
قـتـلننا ثــم لــم يـحـييِنَ قـتلانا
يصرعنَ ذا اللبِّ حتى لا حِراكَ بهِ
وهــنَّ أضـعـفُ خـلـقِ الله إنـسانا
وهل سيبعث من حالة الموت بلحظ العين
أم سيشفى من الصرع أو إنه سيزداد ولهًا وموتًا وصرعًا
وهل ستزيد غيرته على قوله:
إني أغارُ فليتَ الناس ماخُلقوا
أو ليتهم خُلقوا من غيرِ أجفانِ
تُرى هل سيخافُ على محبوبتِه من العينِ
أكثر من الذي قال:
حجبوكِ عن نظرِ الأنامِ مخافةً
مـن أن تـخدٍّش خـدَّكِ الأبصارُ
فتوهمُوكِ ولم يَروكِ فأصبَحت
مــن وهـمِهم فـي خَـدِّك الآثـارُ
وهل سيكتفي بما كتبه نزار وسعيد عقل وإبراهيم ناجي وغيرهم أم سيفيض علينا بأفانينِ الغزلِ والوصفِ والحيرةِ، والشكِ والخوفِ والألم، وزخمِ المشاعرِ وفيضِ الأحاسيس مع توليد المعاني الجديدة الملوَّنة.
وهنا يتوقف القلم وأقول:
يــاربِّ صــوَّرت الـجـمالَ رسمتَهُ
شـيئًا عـجيبًا فـوق وصفِ الشاعرِ
والـراعـيـاتِ الـبـهمِ أجـمـلهنَّ مــن
عصَبت على الشعرِ الجميلِ الوافرِ
كـتبت عـلى الـخدَّين أسئلةَ الهوى
وكـتـبـتُ أجـوبـتي بـبـحرِ الـوافـرِ
لا تـعـذلـوني فـــي هــَواهـا إنـنـي
أهـوى الـجمالَ وكـلَّ لحظٍ ساحرِ