نحمد الله سبحانه وتعالى الذي أكرمنا بصيام شهر رمضان، وأعاننا على الصلاة والقيام وتلاوة القرآن، والشكر له عزّ وجلّ على بلوغ شهر رمضان، وإتمام صيام أيامه وقيام لياليه، وعلى سائر الطاعات والقربات، وعلى ختم ركنَ صيام رمضان بعيد الفطر المبارك، لتهلّ علينا بشائره، وبلادنا تعيش عهدًا زاهرًا مُشرقًا، بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين سيِّدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله ورعاهما –، ولتنجح نجاحًا مشهودًا في تنظيم موسم عمرة قياسي من حيث أعداد المُعتمرين التي بلغت 13 مليونًا و550 ألف معتمر.. مثلّت الرقم الأعلى بكل المعايير في تاريخ السعودية، حيث شهد موسم عمرة هذا العامّ أكبر ارتفاع في تاريخ المعتمرين من خارج المملكة، والذي تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى أولًا وأخيرًا، ثم بتوجيهات القيادة الرشيدة الحكيمة – أيدها الله – وبفضل التسهيلات المقدمة منها، وجهود المخلصين من أبناء الوطن المعطاء، من مختلف الجهات المختصة وذات العلاقة، لتتحوّل الفرجة بالعيد لفرحتين، وذلك لما له من معنى جميل متجدد، تسري عذوبته في النفوس، ويبعث فيها السرور والغبطة، ويهز الجوانح بشراً وانشراحاً، ويثلج الصدور.
عيد الفطر المبارك مناسبة مباركة من أجلّ المناسبات، وفرصة مواتية لإشاعة الحب، والتآلف بين المسلمين، لذا.. فيحفل بالعديد من المظاهر الرائعة والمشاهد المُبهرة، وفي مقدمتها مظاهر الفرح التي تعم كل بيت من بيوت المُسلمين، حيث يتزاورَ الجيران والأهل والأصدقاء والأقارب، فيتم التواصل والالتقاء بين المسلمين، وحصول الاجتماع فيما بينهم، حيث يلتقون في المصليات ويتصافحون ويتعانقون ويُهنئ بعضهم بعضًا بالعيد.. والتي تكون سببًا في زيادة المودة، وتوثيق الإخاء والمحبة، مع تبادل التهاني والتبريكات والهدايا والعطيات، التي تدخل السرور والفرح على الأهل والأقارب، مع بروز مظهر التكافل والتآزر والتعاون وتصدره المشهد وتسيده المواقف، والذي يتجلّى في أروع صوره في ربوع بلادنا الغالية في هذه الأيام المباركة، حيث يُخرج المُسلمون فيه زكاةَ الفِطر لإعانة الفقراء في اليوم السعيد، بالإضافة إلى صلة الأرحام، وترك التخاصم والهجران، وزيارةُ الأقارب، وتفقد المساكين والأصحاب، والأرامل واليتامى والفقراء، وعيادة المرضى.
عيد الفطر المبارك، مناسبة ترتبط بوجدان كل مواطن سعودي ومقيم في هذا البلد المضياف، بكثير من الفعاليات، من عروض فلكلورية وتراثية وغنائية ومسابقات، وأهازيج، وأناشيد وتواشيح الصهبة التي تؤدى على أنغام المقامات العربية المعروفة كالبياتي والحجاز والراست والسيكا إلخ… وكذلك الألعاب الشعبية، والأكلات الخاصة التي يشتهر بها هذا اليوم، وتبرع السيدات المكيات في إعدادها وتجهيزها، كما تُضيء سماء المملكة عروض الألعاب النارية المبهرة، وتتعدد المظاهر الاجتماعية في مختلف مناطق السعودية، والتي تعبّر عن ثقافة الضيافة والحفاوة، وتبرز مظاهر الكرم المختلفة، ولتمتزج المشاعر في جميع أنحاء مملكتنا الغالية بين مشاعر فرح الصائمين بإتمام صيام شهر رمضان، وبين مشاعر الفرح بحلول عيد الفطر السعيد.
ومن ما يثلج الصدر؛ ويمثل مصدر فخر واعتزاز لأهالي مكة المكرمة؛ قيام الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بإطلاق فعالية “مكة تعايدنا”، بالتعاون مع برنامج خدمة ضيوف الرحمن، وأمانة العاصمة المقدسة، وغرفة مكة المكرمة، وشركة كدانة للتنمية والتطوير والبلد الأمين، والتي تهدف للاحتفال بعيد الفطر مع سكان وزوار مدينة مكة المكرمة في أجواء من السعادة والبهجة، وإثراء تجربتهم، وتعزيز الترابط الاجتماعي، وإبراز الجوانب التاريخية والثقافية للمدينة المقدسة، وخلق بيئة ترفيهية مميزة للعائلات والأطفال، وذلك بما تتضمن هذه الفعالية من أنشطة ثقافية وترفيهية متنوعة، حيث تضم أكثر من 14 برنامجاً مختلفاً تشمل جميع فئات سكان وزوار مكة المكرمة، منها معرض الوحي الذي يقدم قصة الوحي ونزول القرآن الكريم، ومعرض الطريق إلى مكة المكرمة؛ الذي يُسلط الضوء على طرق الحج عبر التاريخ، وعروض الفنون الشعبية مثل شعر المحاورة والتعشير والمجرور، مع تخصيص مساحة واسعة للترفيه للأطفال، تشمل فعاليات ومسابقات وألعابًا وهدايا، ومسرح، ومنتزه “من العايدين”، ولتُقدم تجربة مميزة مليئة بالبهجة والفرح خلال عيد الفطر المبارك.
ختامًا؛ أُجدِّد التهنئة بحلول عيد الفطر المبارك، وأسأل الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم المبارك، أن يديم علينا نعم الأمن والأمان والاستقرار، وعلى أمتينا العربية والإسلامية والعالم أجمع.. وكل عام وأنتم بخير.
* المُلحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا ودول الإشراف