المقالات

رجل الأمن السعودي ” يصنع الدهشة “

بقلم الدكتورمحمد ابراهيم الزاحمي

أوردت العربية في موقعها على الانترنت في 8 يناير 2024 ، مقتطفات من حديث معالي وزير الحج والعمرة في معرض ومؤتمر خدمات الحج والعمرة 2024 والذي أكد ارتفاع عدد المعتمرين من خارج المملكة إلى 13 مليونا 550 ألف معتمر خلال هذا العام وهو أكبر ارتفاع في تاريخ المعتمرين من خارج المملكة ، وهذا بفضل الله ثم التسهيلات التي قدمتها حكومة المملكة العربية السعودية للمسلمين في كل مكان ، وإن كنت أرى أن العدد زاد عن هذا الرقم ففي ليلة 27 من رمضان وصل العدد إلى 2.5 مليون بالمسجد الحرام ، ولك أن تتخيل حجم العمل الجبار في تنظيم وإدارة هذه الحشود المليونية طوال العام وفي منطقة محدودة لضمان سلامتهم أولا وتسهيل اداء عباداتهم في جو روحاني يتسم بالخشوع والطمأنينة ، لا شك أن ذلك يحتاج إلى جيش ذو كفاءة واحترافية في إدارة وتنظيم هذه الحشود والتعامل بمهنية عالية مع مختلف الظروف والمتغيرات ، وهنا يبرز الدور الكبير لرجل الأمن السعودي وقدرته الفائقة على القيام بهذه المهمة بكل كفاءة واقتدار ، من خلال تقديم خدمات ودعم لضيوف الرحمن بطرق احترافية ومميزة رغم الحشود الكبيرة واختلاف اللغات والثقافات ، وهي حالة تستحق التوقف عندها ودراسة أهم الدوافع التي أدت إلى تميز رجل الأمن السعودي في أداء هذه المهام فائقة التعقيد بجودة عالية إلى حد الدهشة ، والدافع كما أوضحه ( العجرشي ، 2016) أن علماء النفس يستخدمون مصطلح الدافع للتعبير عن الحالة الداخليّة النفسيّة التي تدفع الشخص نحو سلوك معين لتحقيق هدف ما، فهو قوة محركة للسلوك ) . ودائما ما ينصح علماء النفس بزيادة الدافعية عند الفرد ، لأنها تعمل على تنشيط السلوك نحو الأداء وتجويده والتميز فيه ، إلى جانب الشغف والاستمرار في الأداء المتميز حتى تحقيق الهدف المأمول ، وأرى أن هناك ثلاث دوافع رئيسية – جعلت من رجل الأمن السعودي نموذجا للإنسانية في إدارة وتنظيم هذه الحشود باللطف واللين والاداء المتميز – هي دافع ديني ، ودافع وطني ، ودافع أخلاقي .
فالدافع الديني تجذر منذ بعثة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة ودخول الناس في دين الله أفواجا ، وتوارث الأجيال جيل بعد جيل تعاليم الدين الاسلامي وقيمه وسماحته حتى يومنا هذا ، إلى جانب استشعار أبناء هذا الوطن العظيم لمكانة وطنهم كونه مهبط الرسالات وحاضن المقدسات ، دستوره القرآن الكريم والسنة المطهرة ، تهوي إليه أفئدة أكثر من ملياري مسلم يشكلون أكثر من ربع سكان كوكب الأرض ، وكل هذا انعكس أثره على التزام أبنائه بالمبادىء والقيم الاسلامية التي تعتبر أن خدمة ضيوف الرحمن ومساعدتهم من القربات التي يتقربون بها إلى الله ولذلك تجد الجميع يسعى بكل همة وعزيمة إلى تقديم هذه الخدمة طلبا للأجر والثواب من الله ، خاصة في هذه الأماكن المقدسة والأيام المباركة ، فهذه غنيمة يتسابق عليها أبناء الوطن للفوز بها ، ولذلك يندهش ضيوف الرحمن من تعامل رجل الأمن السعودي وتلك البشاشة والابتسامة واللين والرفق بل السعي بكل همة لجعل الزائر يعيش هذه التجربة بكل سعادة ، رغم كثافة العمل وديمومته
أما الدافع الوطني ، فمن المعروف أن شعب المملكة العربية السعودية يمتاز بانتمائه القوي لوطنه وقيادته ، وذلك لما يحظى به هذا الوطن من مكانة مقدسة وما تتمتع به قيادته الرشيدة من حكمة وعدل وحرص على أمن واستقرار ورفاه كل مواطن ومقيم ، وقيم المواطنة كما قال معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري ، راسخة ومتجذرة في الشعب السعودي وتعد أنموذجًا يُقتدى به.
والدافع الأخلاقي دافع متجذر في شعب المملكة العربية السعودية ، فهم يتمتعون بالالتزام بالقيم العربية الأصيلة مثل الكرم و حسن الخلق والحلم والشجاعة …. فهذه القيم تعتبر من النبل والشرف العظيم الذي لا تنازل عنه وفق الثقافة البدوية الأصيلة التي يعتز بها كل مواطن سعودي ، ويلمس هذا كل زوار السعودية .
إن دافع واحد من هذه الدوافع كفيل بأن يحفز صاحبه إلى السعي نحو تجويد الاداء فما بالك بثلاث دوافع رئيسية مجتمعة إلى جانب المهارات المهنية التي يتحلى بها رجل الأمن السعودي كل ذلك انعكس بشكل كبير على جودة واحترافية اداء رجل الأمن السعودي ، حتى أصبح مثار اعجاب و دهشة الزوار ، بل و اعجاب العالم بهذا النموذج الفريد ، فما تتناقله القنوات الفضائية لبعض اللقطات العفوية التي يتعامل بها رجال الأمن مع قاصدي الحرمين الشريفين تستحق أن تكون نماذج تدرس كمهارات احترافية للتعامل مع الحشود وإدارتها ، ، علما أن هناك جيش آخر من رجال الأمن خلف شاشات المراقبة والانظمة التقنية التي تراقب كل متر مربع خلال 24 ساعة وتتعامل مع التقنية وما توفره الانظمة من معلومات مهمة تساهم في توجيه العمل الميداني بشكل دقيق ، إنهم يعملون في الخفاء ،و يتكاملون مع زملائهم في الميدان ومع الاجهزة الأخرى لتكون تجربة المعتمر مدهشة بكل تفاصيلها .
شكرا رجال أمننا الشرفاء على كل ما تقومون به من عمل جليل ، وعلى الرسالة التي قدمت للعالم عبر لقطات القنوات الفضائية ، التي أكدت أن المملكة العربية السعودية وطن حضارة ورقي وإنسانية .

د. محمد ابراهيم الزاحمي
@m_zahmi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى