تابعنا في 1 إبريل 2024 استهداف الكيان الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في سوريا، وما نتج عن هذا الحاث من ردود أفعال على المستوى الدولي، والذي يتلخص في الرفض القاطع لأي استهداف للبعثات والمقرات الدبلوماسية لأي مبرر كان أو تحت أي ذريعة، والذي يُعد انتهاكًا للقوانين الدبلوماسية الدولية وقواعد الحصانة الدبلوماسية.
وفي المقابل تابعنا الاستعدادات الإيرانية للرد على هذا الهجوم، والذي جاء متأخرًا وبعد 14 يومًا تقريبًا من الحادث، وسوف يتم قراءة المشهد كالتالي:
1- العداء الصوري الدائم بين إسرائيل وإيران لم يكن وليد هذه اللحظة، إنما كان منذ عشرات السنين الماضية، وكان هذا العداء له أشكال عدة منها الدبلوماسي والاقتصادي والأمني، ولكن لم يكن عسكريًا مباشرًا بهذا الشكل إلا في الآونة الأخيرة، أما ما حصل ليلة البارحة 14 إبريل 2024؛ فقد كان تحولًا استراتيجيًا في المنطقة؛ حيث اعتمدت إيران على نفسها وتركت الحرب بالوكالة، وبدأت إطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل مباشرة.
2- هذا التحوّل في الصراع مكَّن إيران من الضرب المباشر استغلالًا لحالة نتنياهو المتخبطة بعد حرب غزة وعدم الرضا التام من الولايات المتحدة الأمريكية على الآلية التي استخدمها نتنياهو في الحرب على غزة.
3- كانت الضربة الإيرانية تُعتبر متنفسًا لحماس؛ حيث لقطت أنفاسها بسحب وحدات من الجيش الإسرائيلي وتحويلها إلى الشمال تحسبًا لأي تدخل قد يحدث من أذرع إيران بعد حادثة القنصلية.
4- انكشاف هشاشة الوضع الأمني في إسرائيل بعد 7 أكتوبر و14 إبريل 2024 وأن هذا النظام المحتل لا يوجد لديه قوة ردع تُمكنه من الوقوف ضد أي اعتداء خارجي، ولا يوجد لديه حماية كاملة للأراضي المحتلة إلا بمساعدة الحلفاء أمريكا وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوربي.
المكتسبات للطرفين:
إيران
1- حفظت ماء الوجه أمام حلفائها والشعب الإيراني بتوجيه تلك الضربة المباشرة على الكيان الإسرائيلي.
2- قامت باستعراض تلك الأسلحة والصواريخ والطائرات في صورة تُمكنها بأن لديها قوة قد تستخدمها عند الحاجة .
إسرائيل
1- لم يكن هناك خسائر كبيرة.
2- قامت بصد بعض الطائرات والصواريخ بالتعاون مع الحلفاء.
3- كسبت نسبة عالية من تأييد الشعب في الحرب ضد إيران.
السيناريوهات المحتملة:
بعد نصيحة الولايات المتحدة الأمريكية بعدم التصعيد لإسرائيل وضبط النفس والتعامل الدبلوماسي؛ ونظرًا لوضع نتنياهو وعدم قدرته لفتح جبهات أخرى وهو لا زال غارقًا في حرب غزة، ولعدم وجود خسائر كبيرة في الضربة، ولعدم الدعم الكامل من الغرب في تنفيذ رد على هذه الضربة؛ لذا سوف تكون الاحتمالات كالتالي:
1- تبدأ إسرائيل بالتهديد والوعيد دون تنفيذ أي رد ملموس وتحاول الركب في سفينة المسار الدبلوماسي الغربي المنتظر، وتقوم بتأليب الرأي العام ضد إيران، وتعود للاستمرار في حرب غزة.
2- تقوم إسرائيل بضربة محدودة لأحد أذرع إيران في المنطقة، وبذلك تكون ردت بطريقة غير مقنعة من حيث الرد الاستراتيجي؛ وذلك لأنها لم تتمكن من الرد في الداخل الإيراني، ولكن قد تكون مقنعة من حيث الرد العسكري.
3- الرد الإسرائيلي سوف يكون في الداخل الإيراني، وهذا احتمال صعب جدًا لخطورته، وسوف يجر المنطقة إلى حرب شاملة، وهذا لا تحبذه كل الأطراف لتحملها خسائر فادحة.
موقف المملكة العربية السعودية من الأحداث:
مكانة المملكة وموقعها وتأثيرها الكبير على المستوى الإقليمي والدولي يجعلها تتأثر وتؤثر في الأحداث التي تقع في العالم، ولكن سياستها المتوازنة والمحبة للسلام وقوة اقتصادها وتمسكها بالقوانين والأعراف الدولية جعلتها صاحبة الرأي الصائب في أصعب الظروف، فقد وجهت الانتقاد لإسرائيل عندما قصفت القنصلية الإيرانية في 1 إبريل وأدانت العملية وأوضحت ذلك في بيان وزارة الخارجية معبرة عن رفضها القاطع لاستهداف المنشآت الدبلوماسية، وليلة البارحة أعربت عن قلقها جراء تطورات التصعيد العسكري وخطورة انعكاساته، داعية كافة الأطراف بضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها ويلات الحروب، وأكدت إلى ضرورة، اضطلاع مجلس الأمن بمسؤوليته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين لا سيما في هذه المنطقة بالغة الحساسية، وللحيلولة دون تفاقم الأزمة التي سيكون لها عواقب وخيمة في حال توسع نطاقها الجغرافي، والمملكة بدورها المؤثر تلتزم بدعم كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وقد شاهد الجميع ليلة البارحة كيف تحول سماء المملكة إلى سماء مضيء بطائرات العالم، فعندما أقفلت الدول أجواءها أما الطائرات القادمة من دول العالم خوفًا من أي حوادث قد تقع أثناء إطلاق الصواريخ والمسيرات، فتحت المملكة سماءها لجميع طائرات العالم لتمر بأمن وأمان إلى الاتجاهات الأخرى، وهذا يدل على التعامل اللحظي مع الأحداث بكل كفاءة واقتدار، حفظ الله بلادنا وقادتنا وشعبنا من كل مكروه.
احسنت يا دكتور في ما اشرت اليه من تحليل للموقف و حيثياته المحتملة ولكن لدي راي في الرد الإيراني
بانه اثبت ان ايران لديها صناعة عسكرية ولكنها اما انها تعمدت ان تكون صواريخها خالية من المتفجرات لكي تصل او لكي لا يكون لها اثر كبير
بلا شك ايران حاولت مرار أن لا يكون لها عمل عسكري مباشر مع إسرائيل ولكن عندما اضطرت لذلك أضفت من قوتها العسكرية في نظر المراقبين