أصبت قبل أكثر من ستة عشر عامًا بداء السكري، وكانت وقتها صدمة قوية هزت كياني لكن سبحان الله! سرعان ما رضيت وتعايشت مع هذا القاتل الصامت الذي لم يفوت فرصة ضغوط الحياة المتوالية، وتراكم الإحباط، فكان يزيد من ضعفي ويتسلط على جسدي حتى بلغت الذروة قبل سبعة أشهر؛ حيث أصبت بانفصال في شبكية بالعين اليمنى ولم يكن مفاجئًا؟! فقد بدأت مضاعفات السكري تمتد إلى أعضائي، وأعصابي وأنا غير مكترث، ومصاب بحالة اكتئاب حاد، وفاقد للأمل! وكان الأطباء يحذروني حينما يصل السكر التراكمي لقرب اثنى عشر، ويوصون بزيادة الأنسولين حتى وصلت الجرعة اليومية إلى تسعين وحدة، ولا يزال السكري رافضًا أن ينزل عن سقف الأربعمائة وأكثر، فتحولت إلى مريض الوصفة الطبية ولمن لا يعرف؟
فبعض أطباء الباطنة الذين يتعاملون مع مرضى السكري يكتفون بكتابة الأدوية دون كشف على المريض، وقد يطلبون منه “تحليل دوري” شعرت أن الغرض منه المكسب المالي أكثر من الاهتمام والرعاية؟! لذلك قد يجري الطبيب كشفًا صوريًا على مائة مريض، وهذا يحتاج لمراقبة من الصحة.
لكني بمبادرة شخصية قررت هذه المرة أغير فعلًا نمط حياتي، وقد أكون تأخرت كثيرًا، لكن حابب أصف هذه التجربة لكل مريض بالسكري، يُعاني من الارتفاع الحاد في نسبة السكر، لقد جعلت الأولوية في اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين أي خالٍ من منتجات القمح، وكانت أم المشاكل في الاستغناء عن الخبز، والبدائل غير متاحة للكثيرين؟ فأتتني مشورة طبية تؤكد أن تجميد الخبز، وتسخينه بعد إخراجه من الثلاجة؛ يغير التركيبة الكيميائية للنشويات، فلا تضر خاصة المرضى الذين يعانون من مقاومة الأنسولين، وكانت بحق المفاجأة بعد ما كنت أكتفي بزيادة جُرعة الأنسولين معتبرًا ذلك يغني عن الاهتمام بنوع التغذية مثل الكثيرين الذين أوجه لهم رسالتي هذه، لقد هبط التراكمي بعد ستة أشهر إلى أقل من ستة، وكذلك الكرياتين الذي ارتفع بشكل مفاجئ، لكن كل ذلك كان بعد فوات الأوان مع الأسف! لقد أجريت قبل خمسة أشهر عملية بتر في ساقي الأيسر، وتحولت إلى ذوي الاحتياجات الخاصة بعد نصف قرن من حياتي، قضيتها بشكل طبيعي، واليوم أحتاج لأقرب الناس لمساعدتي حتى في ارتداء الطرف الصناعي، وكنت سابقًا أدعي أنني أشعر بهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعًا لكن بعد ما عايشت الإعاقة؛ تأكدت أننا مقصرون ومهما فعلنا فهم يحتاجون منا الكثير والكثير.
تحملت على ما تبقى لي من نور في عيني لأخط هذه السطور: لعلها تكون جرس إنذار لمن لا يدرك حتى اليوم أن سر الصحة في الجوع، وليس الشبع وامتلاء البطن، وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن كثيرة، ومرشدة، ولشيخنا الألباني -رحمه الله- قصة ملهمة في تحقيقه لأثر “الأزم شفاء من كل داء” يمكن متابعتها على اليوتيوب، واليوم عليكم تغيير سلم أولوياتكم سواء في الحفاظ على نعمة الصحة، أو مواجهة السكري ومضاعفاته؛ فالرياضة والنظام الغذائي الخالي من الجلوتين أولًا، ثم يأتي الحفاظ على الأدوية في مواعيدها.
لا تنسوني من صالح دعواتكم أنا أنتظر بعد إجازة العيد ثلاث عمليات لاستكمال عملية عيني اليمنى واستخراج زيت السليكون وعلاج الشبكية وزرع العدسة والعلاج المياه البيضاء بعيني اليسرى.
وأخيرًا أشكر كل من وقفوا إلى جانبي، وتشاء الأقدار أن ينفض من حول أهل البلاء الكثير ممن يألفهم، ويتعشم فيهم! لكن من رحمة الله أن يظهر لك في حياتك من لا تعرفهم ولا يوجد بينك وبينهم معروف، فيساروعون لإغاثة لهفتك وتطييب خاطرك
دمتم بصحة وعافية..