بديةً، أتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله- على ما يوليانه من عناية فائقة واهتمام بالغ بخدمة ضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، وهو ديدن ملوك المملكة البررة على مر السنوات منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وخلفائه من الملوك البررة – رحمهم الله-.
حديثنا اليوم عن المواقيت الزمانية والمكانية للحج والعمرة، والميقات الزماني للحج هو شهر شوال وذو القعدة والعشرة الأيام الأول من ذي الحجة. أما العمرة: فللمعتمر أن يؤديها في جميع أيام العام.
أما المواقيت المكانية، فهي الأماكن التي حددها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ليحرم منها كل من أراد أن يحج أو يعتمر فلا يجوز أن يتجاوز الحاج أو المعتمر هذه المواقيت دون إحرام.
والمواقيت التي حددها الرسول الكريم هي:
1- ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة، ويسميه الناس في هذه الأيام (أبيار علي)، ويبعد عن المدينة حوالي أحد عشر كيلو متراً، كما يبعد عن مكة حوالي ٤٥٠ كيلو متراً.
2- الجحفة: وهو ميقات أهل الشام ومصر وبلاد المغرب الإفريقي وكل من يأتي من هذه الجهات، والجحفة قرية تلي رابغ، وقد اندثرت واستبدلها الناس برابغ، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات، لأن رابغ قبلها بيسير والمسافة بينها وبين مكة حوالي ۲۰۰ كيلو متر.
ومن أراد أن يزور المدينة المنورة من أهل الشام وتركيا ومصر وغيرهم، عليه أن يحرم من ذي الحليفة مقيات أهل المدينة ولا يتجاوزها إلى الجحفة، فإن من يأتي على مقياتٍ يجب أن يحرم منه ولا يتجاوزه إلى غيره حتى وإن كان الميقات الثاني هو ميقاته الأصلي، لأن من يمرون على المدينة يتحول إحرامهم إلى ميقات أهل المدينة وهكذا إذا مر من أراد الحج بأي ميقات آخر خلاف ميقات بلده.
3- ميقات السيل: هو قرن المنازل في طريق الطائف القديم، أما وادي المحرم فهو في الطريق الي الهدي قبل طلعة الجبل الذي يؤدي الي الهدي، والذي يسمي النقبة الحمراء والمسافة لا تتعدي سبعة أو تسعة كيلومتر.
والحجاج الذين يصلون عن طريق مطار الطائف يتحهون مباشرة ًالي قرن المنازل لأنه أقرب لهم ولا يعرفون وادي المحرم الذي يعرفه سكان المملكة أكثر.
4- ذات عرق: ميقات أهل العراق وبلاد فارس ومن في جهتهم من بلاد المسلمين، ويقال إن تحديد هذا الميقات من اجتهاد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-.
5- يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ويقع جنوبي مكة المكرمة، وبينهما ٥٤ كيلو متراً.
وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن أراد الحج والعمرة. فيجب على من أراد الحج والعمرة أن لا يتجاوز هذه المواقيت بدون إحرام، ولا فرق في ذلك بين أن يكون مروره عليها من طريق البر أو البحر أو الجو، لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في شأن هذه المواقيت: «هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ » (متفق عليه).
وأما من توجه إلى مكة المكرمة بقصد التجارة أو توصيل أمانة أو لزيارة الأهل والأقارب ونحو ذلك دون أن يكون لديه النية على أداء الحج أو العمرة فليس عليه إحرام من هذه المواقيت إلا إذا رغب هو في ذلك فلا مانع، لأن المواقيت حددت ليحرم منها من أراد الحج والعمرة، حيث قال الرسول الكريم: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» فمن مر عليها ولم يرد الحج والعمرة فلا يلزمه الإحرام.
وإذا أراد أن يحرم بالحج أو العمرة من هو مقيم داخل هذه المواقيت مكانه وليس عليه أن يخرج إلى أحد المواقيت ليحرم منها، حتى إذا أراد أن يحرم بالحج وهو من سكان مكة المكرمة نفسها فيحرم من منزله فلا يخرج إلى الحل لقوله – صلى الله عليه وسلم-: «حتى أهل مكة يهلون من مكة» أي يحرمون بالحج من مكة المكرمة.
أما أذا أراد أن يحرم بالعمرة، فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- أمر السيدة عائشة – رضي الله عنها- بذلك عندما أرادت أن تأتي بعمرة بعد أن تمت حجها، فأرسل معها أخاها عبد الرحمن إلى التنعيم لتحرم من أدنى الحل بالعمرة، وقد بني مسجد في هذا المكان يعرف بمسجد السيدة عائشة.
وخلاصة القول في المواقيت: هو إن الميقات الزماني للحج هو شهر شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وميقات العمرة طوال العام.
والميقات المكاني للحج هو ميقات العمرة، أما مَن في داخل مكة المكرمة فيحرم بالعمرة من أدنى الحل.
0