تُعد القيادة من أهم العوامل المؤثرة في نجاح المنظمة وتميزها وتحقيق أهدافها.
فالمنظمات المتميزة تحرص على بناء القادة من خلال العديد من البرامج التي تُساعد على بناء مهاراتهم التى تُمكنهم من تطوير المنظمة والسعي الجاد للتميز.
إن بناء القادة يتحقق من خلال إعدادهم والتعرف على مواطن القوة لديهم وتعزيزها ومعالجة جوانب القصور كذلك وتجاوزها؛ لأن ذلك يبني لديهم العديد من المهارات التي يحتاجونها في المواقف المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بالخطط الاستراتيجية واستثمار قدرات الفريق وتعزيزها من أجل بناء ممكنات القيادة لديهم.
ومن أهم الممكنات التي تعين القائد رؤية المنظمة وقيمها ورسالتها التي يسعى من أجلها؛ لأن ذلك يوحد الجهود، ويشارك جميع العاملين في تحقيق تلك الرؤية؛ إذ يعدون جزءًا من صناعتها ويسهمون في وضعها، وبالتالي ستعزز لديهم الرغبة في تحقيق ذلك، ولا يقل ذلك عن رسالة المنظمة، وهذا الشعار يحمله الجميع؛ فهو مبني على قيم المنظمة التي تسعى لتأصيلها في العاملين من أجل منتج متميز، ومنظمة متميزة.
فتناغم الفريق وفاعليته يتطلب أن يكون لدى القائد العديد من المهارات الاجتماعية والوجدانية، وأن يتميز بالذكاء الوجداني الذي يجعله يتحكم بمشاعره وأحاسيسه، ويعزز مهارة الاستماع والإنصات لديه؛ مما يعزز فرص تميزه وتحقيق النجاح لديه؛ كما يتطلب بعض المهارات اللازمة مثل الذكاء الاجتماعي، وفهم فريقه وقدرات كل إنسان لوحده، واختيار المهام التي يقوم بها ويتقنها؛ مما يضمن نجاح ذلك الإنسان في مهامه التي تتوافق مع قدراته.
إن استمرارية المنظمة في تعزيز قدراتها ونجاحاتها يتطلب كذلك بناء الصف الثاني من القادة لتعزيز نجاحات المنظمة في كافة المجالات؛ حيث تتعزز فرص النجاح في أقسامهم وانتمائهم للمنظمة، فضلًا عن ديمومة القيادة وتفاعلها، وعدم تأثرها بمغادرة القائد منصبه، فهذه من العوامل المهمة التي تعزز فرص نجاح المنظمة وتميزها.
ومما يُعزز نجاح القيادة في المنظمة إشراك العاملين في اتخاذ القرار وصناعته باعتبارهم جزءًا منه، ومشاركتهم في تنفيذه، واتساع مجال المشاورة والاستشارة حتى يكون القرار أكثر فاعلية وواقعية عند تنفيذه، وكذلك تشجيع الإبداع والابتكار في المنظمة، وتقييم الأداء والتغذية الراجعة للمراجعة الشاملة لأداء المنظمة؛ لأن ذلك سينتج عنه تحسين المنظمة في أدائها وكفاءتها.
إن الطريق للقيادة يتطلب بناء شخصية القائد ومهاراته وتفاعله مع الفريق والاستماع وتفعيل الجوانب الاجتماعية والعلاقات الإنسانية في المنظمة، فهي من العوامل الرئيسة والمحفزات الأساسية في تفعيل دور القائد الديناميكي في المنظمة والتواصل مع فريقه في جميع المجالات، وهذا يتطلب الوعي بأدوار القيادة المختلفة، وعلى كافة المستويات.
فالقائد الذي يشارك فريقه بخبراته وتجاربه مع الآخرين، ويشركهم في وضع الخطط والبرامج التي تسهم في تحسين وتطوير المنظمة، يسهم في تقليل ضغوط العمل وإدارة الأزمات من خلال بعض السمات التي يكون القائد مستمعًا جيدًا ومنصتًا مُلهمًا في حديثه بود واستماع وتطوير للآخرين، يشاركهم في صناعة القرار وعدم الانفراد به، وكذلك يبني لديهم مفهوم التعلم الذاتي والتعاون والإنصات والقيادة التشاركية.
– فالإنصات سمة القادة الفاعلين المؤثرين الذين يمتلكون بُعد نظر وفهمًا لعوامل التأثير في العاملين في المنظمة، وسعيًا حثيثًا نحو التميز واستثمار قدرات الآخرين من أجل الإبداع. أما المواهب التي لديهم فتعززها رؤية بعيدة واستشراف للمستقبل.
إن الاستماع للآخرين ومنحهم فرصة لتوضيح وجهات نظرهم وشحذ هممهم نحو المشاركة الفاعلة في تمكين المنظمة من القدرة على المنافسة والمحافظة على الفريق يؤدي لإبهار الآخرين بتميزهم نحو الإبداع.
فالقائد المنصت والمستمع يعي أهمية الذكاء العاطفي والاجتماعي في سبيل صناعة التأثير في الآخرين للكشف عن قدراتهم وإمكاناتهم التي تظل نقاط ضعف ما لم يتم اكتشافها والاستفادة منها في صالح المنظمة، فالصمت طريق المبدعين، والإنصات سبيل الذين يرغبون في التميز، ولا يستأثرون بالحديث، إنما يعطون الطرف الآخر فرصة للحديث، وإبراز قدراتهم، فكم من قائد أبدع بالاستماع، واستثمر القدرات والمواهب بالإنصات؛ إذ يعشق الاستماع، ويتمسك بهدوئه، ويستثمر قدرات فريقه، ويتجاوز قصر النظر إلى بعد النظر، واستثمار قدرات الفريق والاستئناس بأفكارهم التي هي محط الإبداع وطريق التميز.
فقيادة الآخرين سبيلها الإنصات وطريقها الاستماع؛ بحيث يعبرون بما لديهم من أفكار بأسلوب مؤثر ومحفز للآخرين نحو الإبداع واستثمار قدرات الآخرين من أجل تميز المنظمة. وتتكامل الجهود، وتتحد الرؤى، ويتمايز الأفراد فيما بينهم من خلال قدرات كل فرد، وتتكامل مع بقية أعضاء الفريق، كما يغلف هذا العمل التعاون والعمل الجماعي دون استئثار أحد على الفريق، فالجميع يكسب ولن يخسر.