المقالات

دعه يبكي ولا تبكي عليه !

للألعاب النارية والمُفرقعات سحر نفسي وتأثير بصري يجذبان الصغار والكبار على حد سواء، لا سيما في الأعياد والمناسبات؛ حيث تحفز تلك المظاهر إقبال معظم الفئات العمرية على شراء الألعاب النارية كطقوس احتفالية تضفي على أجواء الاحتفالات لحظات من الإثارة، فيظهرون من خلالها أقصى درجات المرح الذي يشوبه أحيانًا بعض لحظات الجنون؛ لكون هذه الألعاب موسمية ولا تتكرر إلا على فترات متباعدة؛ مما جعل البعض منهم يعتاد على التعبير عن فرحته بإطلاق هذه الألعاب سواء على مستوى الشعوب بشكل خاص، أو على مستوى الدول بشكل عام والتي اعتادت على استخدام الألعاب النارية في احتفالاتها الرسمية لتكون أحد مظاهر تلك الاحتفالات؛ وذلك منذ أن نشأت هذه الألعاب صدفة، في الصين قبل نحو ألفي عام من الآن، عندما قام أحد الطهاة بخلط الفحم مع الكبريت مع قليل من الملح الصخري، وضغط تلك المكونات في أنابيب مما أدى إلى انفجارها وإحداث أشكالًا جذابة. فدخلت على إثرها هذه الألعاب أجواء الاحتفالات وباتت أساس المتعة فيها!

ومع كل هذه الإثارة والمتعة التي تحدثها هذه المفرقعات إلا أنها عادة ما تكون مُحاطة بمخاطر ومفاجآت لا تحمد عقباها. فقد تتبدد الفرحة في لحظات، وتتحول إلى ألم وفاجعة في المجتمعات، بسبب الإفراط في استخدامها للتعبير عن السعادة والمرح؛ حيث باتت تُشكل خطورة على حياة من يلعب بها وحياة كل من حوله، حتى وإن كانت تلفت الانتباه بأصواتها وألوانها المختلفة ورغم صغر حجمها وقلة وزنها، إلا أنها قادرة على تعكير صفو الأعياد وأوقات المرح بمخاطرها وتأثيرها السلبي، لما تتسبب به من إصابات جسدية ونفسية على كل من يتواجد في محيطها.

وقد سُجلت في السنوات الأخيرة حالات إصابات متنوعة وخطيرة بسبب هذه المفرقعات تتمثل في حروق في مختلف أنحاء الجسم أو بتر في الأصابع، وربما تعدتها إلى إصابات مباشرة للعيون أو دخول أجسام غريبة فيها، لأن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الصغار أو الشباب بشكل مباشر. كما أنها تُعد من أسباب التلوث البيئي بسبب الروائح المنبعثة من احتراق هذه الألعاب، والتي تؤدي إلى العديد من الأضرار على الجهاز التنفسي؛ بالإضافة إلى تلك الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار مستودعات ومخازن الألعاب النارية.. إن كانت مخزنة بطريقة خاطئة؛ مما قد يتسبب في دمار يوازي دمار المواد المتفجرة الحقيقية.

وعطفًا على ما سبق؛ فإنه رغم جهود مختلف الجهات الرقابية والأمنية والصحية في التوعية والتثقيف بخطورة هذه الألعاب، وما ينتج عنها من كوارث إلا أن بيعها ما زال منتشرًا في كل المدن والمحافظات والقُرى، حيث يقوم بائعوها بتوفيرها وترويجها لمن يرغب فيها، خاصة مع الاحتفال بعيد الفطر المبارك، ولا زالت هذه الألعاب تجد طريقها إلى المجتمع سواء عن طريق الأسواق الشعبية ومواقع التواصل الاجتماعي أو حتى من خلال التوصيل للمنازل خلال فترات المواسم والأعياد، كما لا يزال الكثير من أفراد المجتمع يتجاهلون الأضرار التي قد تسببها خاصة على الأطفال، رغم تأكيد تلك الجهات مرارًا على ضرورة منع الأطفال من اللعب بتلك الألعاب النارية.

وختام القول.. فإنه لا يتعظ من الحديث عن هذه القنابل الموقوتة، ولا يأخذ منها العبرة إلا من تجرع مرارة كأسها من ضحايا هذه الألعاب وأسرهم، لذلك ينبغي علينا جميعًا ونحن على أبواب عيد الفطر المبارك الذي سيحل علينا ضيفًا بعد أيام قليلة أن نحرص كل الحرص على سلامة الأبناء، وأن نتجنب شراء هذا الألعاب الخطرة لهم حتى لو أصر الطفل أو بكى واستبدالها بمشاهدة العروض النارية التي تُنظمها الجهات المختصة في كافة المدن والمحافظات في احتفالاتها الرسمية، كما يجب على وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة أن تقوم بتوعية المجتمع بمخاطر وسلبيات استخدام هذه الألعاب، واستغلال برامج التواصل الاجتماعي والتلفاز في بث برامج توعوية وإرشادية عن مخاطر وعواقب استخدام هذه الألعاب، وعقد اللقاءات مع ذوي العلاقة والاختصاص من أجل توعية المواطنين بالمخاطر التي يمكن أن تلحق بفلذات أكبادهم وبأفراد المجتمع عند استخدام الألعاب النارية بصورة خاطئة، كما يجب أن يكون للمدرسة دور محوري في هذا الإطار إلى جانب دور الجهات الأمنية؛ وذلك للحد من هذه الممارسات فمحاربة هذه ظاهرة ومكافحتها تعد مسؤولية جماعية مشتركة لا بد من تفعيلها، وتفعيل الرقابة على الأماكن التي تروج لمثل هذه المنتجات وإبلاغ السلطات الأمنية بأماكن تواجدها من أجل القضاء عليها وتجفيف كافة منابعها.

وخزة قلم:
الألعاب النارية خطر بدايتها تسلية ونهايتها قد تكون مأساة؛ فدع طفلك يبكي ولا تبكي عليه ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى