المقالات

خطر أنشطة «الحشاشين الجُدد» على مستقبل اليمن والخليج

جمعني لقاء ودي قبل شهور قليلة في دولة عربية شقيقة، وطال الحديث حول ما تشهد منطقة الشرق الأوسط حاليًا من توترات كبيرة بسبب الصراعات السياسية والدينية التي تجتاح المنطقة.

ومن بين هذه الصراعات ما تقوم به عصابة الحوثي الإيرانية في اليمن التي تُقدم نفسها على أنها حركة دينية شيعية تسعى للدفاع عن حقوق الشعب اليمني، وبنفس فكر وخطى حسن الصباح لجماعة حركة الحشاشين وتقريبًا تتطابق أهدافهما.

وقد حاولت أن أقنع الشخصيات السياسية أن هذه العصابة الإجرامية تستخدم الحشيش والمخدرات للتأثير على الشباب اليمني وقد أنكر أحدهم عليَّ ذلك، وانسحبت من الحوار بهدوء محارب يريد أن يوفر ذخيرته لمعركته الوطنية، ومن حظي الجيد أن فرض عليَّ ابن عمي عبد الرحمن أن أشاهد مسلسل الحشاشين وهو يتناول حركة «الحشاشين» التي نشأت في جبال الديلم في شمال إيران قبل أن تنتقل إلى أجزاء من بلاد الشام، وكانت حركة مرتبطة بالتشيُّع واستوعبت عناصر من ثقافات بلاد ما وراء النهرين.

كانت هذه الحركة الأولى التي اعتمدت العنف والاغتيال والتخويف لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية، وتصاعدت أعمالها ضد خصومها خلال الفترتين السلجوقية والأيوبية حتى تم القضاء عليها.
وأنا أشاهد حركة وأساليب زعيمها الحسن بن صباح والذي قام بالدور الفنان الكبير كريم عبد العزيز بكل إتقان كيف كان يأمر باختطاف وقتل كل من يقف في طريقه، وأسلوب وطريقة خطابه، وكأني الإرهابي عبد الملك الحوثي ماثلًا أمامي، وكانت قلعة «الموت» في جنوب بحر قزوين لا تقل غموضًا عما يجري في كهف سلمان بجبال مران وسرادبه.

نعم تشابه الحشاشين القدماء مع الحشاشين الجُدد في اليمن في إستراتيجيات العنف والارتباط الوثيق بإيران، بل وأؤكد أن التشابه وصل إلى التفاصيل الدقيقة.

يظهر الشبه بين الحركتين في الاستهداف الإرهابي والتعامل مع المخدرات، وهناك قصص تربط بين عصابة الحوثي الإيرانية وحزب الله والحرس الثوري الإيراني بتجارة المخدرات.

كما كان الحشاشون القدماء يُقاتلون الصليبيين، لكن هدفهم الحقيقي كان استهداف خصومهم المسلمين، وهكذا يرى البعض أن الحشاشين الجُدد يستخدمون الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية وشعار الموت لأمريكا وإسرائيل والقتل في اليمنيين.

إذا تم النظر إلى أساليب الحوثيين وكيفية تنظيمهم وتفكيرهم، يمكن أن نجد تشابهًا عجيبًا مع أساليب حركات أصولية أخرى في المنطقة.

فعندما ننظر إلى الطريقة التي يقومون بها بتنظيم أنصارهم وتجنيدهم، وكيف يتم ترويج أفكارهم وتعليمهم، نرى تشابهًا بالفعل مع الحركات الأصولية الأخرى مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان وحركة حسن بن صباح.

وبالإضافة إلى ذلك، تتميز الحركة الحوثية بالإجراءات الأمنية الصارمة التي تتخذها حول زعيمها عبد الملك الحوثي، وهذا التشدد في الأمان يُذكرنا بإجراءات الأمان التي كانت تحيط بمقر «شيخ الجبل» في تاريخ الحشاشين حسن الصباح، فكلا الزعيمين كانا يتخذان إجراءات صارمة لحماية نفسيهما، والتأكد من عدم وجود تهديدات خارجية تستهدفهما.

بالنظر إلى هذا التشابه العجيب بين الحركات الأصولية والحوثية، يمكن أن نفهم تقديرًا أكبر للتأثير الذي تمارسه هذه الحركة على المجتمع الذي تعيش فيها.
فهذه الحركات تستخدم أساليب محكمة وتنظيمًا دقيقًا لجذب الأتباع وتعليمهم، وهذا يجعلها قوى لا يمكن تجاهلها فيما تقوم به من زعزعة للأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.

اتخذت حركتا «الحشاشين» و«الحوثيين» من تجارة المخدرات المصدر الرئيسي لتمويل أنشطتها الإرهابية، وهو الأمر الذي يُثير العديد من التساؤلات حول مدى خوف السياسيين من الحشاشين الجُدد في صنعاء وكمية الخطر الذي يمثلونه.

بشكل عام، يجب أن نكون حذرين ويقظين تجاه الحركات الأصولية والأيديولوجيات المتشددة التي تسعى لنشر أفكارها في المنطقة والخليج وخصوصًا فكر عصابة الحوثي الإيرانية التي تهدف إلى الوصول للأماكن المقدسة للمسلمين لتحقيق أهداف فارسية.

نعم.. علينا أن نتعلم من التشابه العجيب بين هذه الحركات، ونتعلم من تاريخها لنتمكن من التصدي لها ومنع انتشارها في المستقبل، وأتمنى أن يُعمم مسلسل “الحشاشين” على كل القنوات اليمنية أو تنتج الرواية بنسخة يمنية ودون الخروج عن المضمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى