المقالات

مدرسة الحياة…دروس وعبر!

صدق أحد الحكماء عندما قال: الدنيا مثل المتجر يمكنك أخذ ماتشاء منه وتملأ العربة ؛ ولكن عليك ان تعلم انه يجب عليك دفع قيمة ما اخذت عند مغادرتك المتجر.
إن الحياة مدرسة يتعلّم منها الناس الدروس والعبر، وصدق الشاعر المصري وأحد شعراء الأحياء “إسماعيل صبري باشا”، حين قال:
عِبَرٌ كلُّها الليالي ولكن… أين من يفتحُ الكتابَ ويقرأ!
وكما يُقال فإن الدنيا مدرسة؛ مديرها الزمن، وأستاذها القدر، وتلاميذها نحن بني البشر، خَرَّجت الحياة الكثير من الناس، منهم من نجح، وآخرون لم يستطيعوا، دروسها لا تنتهي، وليست للندم بل للتعلم، تمر علينا بأشكال متكررة، وهيئات مختلفة، وكلما تقدم بنا العمر، يختلف تفاعلنا معها، وندرك عندها مدى أهميتها.
ليتذكر كل واحد منا أننا راحلون، فما أجمل أن تكون غائبًا حاضرًا، على أن تكون حاضرًا غائبًا، وما أعظم أن تبقى المكانة بعد ذهاب المكان، لا يفوز بمعارك الحياة الأقوى أو الأسرع، ولكن من يعتقد أنه يستطيع، أننا نعيش في الدنيا مرة واحدة فقط.. فلماذا لا تكون أروع حياة ممكنة.
دروس الحياة كثيرة: فإذا تعلمت التجاهل…فقد اجتزت نصف مشاكل الحياة، لا يمنع أن يكون حلمك يُلامس السماء، لكن بشرط أن تعرف أنك تمشي على كوكب الأرض، ويجب على المرء ألا يحاول أن يكون إنسانًا ناجحًا، إنما يحاول أن يكون إنسانًا له قيمة، وبعدها يأتي النجاح تلقائيًا.
إذا لم يجد الإنسان شيئًا في الحياة يموت من أجله، فإنه في الغالب لن يجد شيئًا يعيش من أجله، ومن دروسها أيضًا: إن الحياة بلا هدف لا معنى ولا وجود لها، والخطأ ليس أن نعيش حياة لا نرضاها، لكن الخطأ ألا نحاول تغيرها إلى الأفضل.
على الواحد منّا احترام عقول الناس بدون أن يثق فيها، وأن على الفرد أن يخالط الجميع، ويأخذ منهم العبر، لأن كثيرًا منا يأتي إلى الحياة ويفارقها دون أن يعرف حقيقة كثير من الناس.
إن الأيام تسير بنا إلى المجهول، فهي لا تتشابه إلا بالمسمى، فمن المحال أن يمر عليك يوم مثل يوم عشته من قبل، علمتنا الحياة، أن النجاح له ضريبة هي: (الصبر) و(التحمل) و(التغافل)، وأن النجاح لا طعم له إذا لم يذق المرء قبله طعم الفشل.

ورغم كل ذلك، يجب أن نعيش في هذه الحياة، وعلينا أن نتقبلها بحلوها ومرها، وليكن حلم الواحد منا أن يخرج منها بنفس النقاء الذي جاء به إليها.
أستشهد هنا ببعض كلمات أحد رواد السينما المصرية الأوائل المخرج “أحمد علي بدرخان”، في أغنيته المشهورة بعنوان “الحياة حلوة”، والتي شدا بها عام 1949م، الموسيقار “فريد الأطرش” يقول فيها: “الحياة حلوة بس نفهما، الحياة غنوة ما أحلي أنغامها، الحياة وردة للي يرعاها، الحياة مرة وحدة نحياها، فوزوا بمتاعبها، وانسوا أوجاعها، ليه نضيعها، دي الحياة حلوة”.
وفي النهاية؛ “إن ما تقدمه أيدينا هو الذي سيتحدث عنا في نهاية المطاف”، وأهم من ذلك كله، أن تعلم أن الأمور كلها بيد الله سبحانه.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى