المقالات

الشرق الأوسط بين التهديدات والفرص

يُعتبر الشرق الأوسط مصطلحًا أوروبيًا حديثًا مبنيًا على اعتبارات سياسية وجغرافية معينة، ويرتبط عادةً بالتوجهات الإستراتيجية للقوى الفاعلة عالميًا، ويتكون من عدة دول في حيز جغرافي يمتد من الخليج العربي شرقًا إلى البحر الأبيض المتوسط غربًا، ومن بحر قزوين والبحر الأسود شمالًا إلى الصحراء الكبرى والمحيط الهندي في الجنوب، وتتمتع منطقة الشرق الأوسط بأهمية كبيرة جدًا؛ حيث تعتبر همزة الوصل بين قارات العالم آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويطل على أهم المسطحات المائية في العالم، بحر العرب والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وبحر قزوين والبحر الأسود، وتتحكم هذه المنطقة في أهم الممرات البحرية في العالم، مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس ومضيق الدردنيل والبسفور؛ لذلك أصبحت المنطقة ممرًا دوليًا للتجارة العالمية وأهمها تصدير الغاز والزيت.
ولكن عندما نشاهد ونراقب الوضع في العالم تجد الشرق الأوسط أشد مناطق العالم سخونة وعدم استقرار، باستثناء الحرب الروسية الأوكرانية وبعض الملفات العالقة في آسيا وأمريكا الجنوبية، ومع ذلك تعيش فترات استقرار جيدة، والشرق الأوسط تجد سمة الحروب والصراعات ظاهرة ومستمرة، وحسب ما ذكرته أرقام أكاديمية جنيف للقانون الدولي والإنساني وحقوق الانسان بأن هناك 45 صراعًا مسلحًا تجري الآن في الشرق الأوسط، وهذا يعتبر مؤشرًا واضحًا على عدم الاستقرار في المنطقة، والمتتبع لهذه الصراعات يجد أغلبها داخلية وليست دولية، مع وجود بعض التدخلات الدولية في بعض الصراعات ووجود الصراع الدائم بوجود دولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة؛ مما يُنذر بحالة من التهديد للأمن والاستقرار الإقليمي ويهدد فرص التنمية والازدهار التي تطمح لها شعوب المنطقة، ونجد هناك أيضًا تهديد دولي إقليمي من إيران على دول الشرق الأوسط بتصدير الثورة عبر زرعها لمليشيات في الدول المجاورة ودعمها بالأسلحة والسيطرة على قرار تلك المليشيات لتنفيذ أجندتها الرامية إلى خلق الصراعات وتهديد السلم والأمني الدولي وبالسعي الكبير للوصول إلى امتلاك السلاح النووي مهددة بذلك دول الإقليم بالدرجة الأولى والعالم بشكل عام.
ونجد لبنان مقيدة بأجندة يفرضها حزب الله ويشكل دولة داخل دولة، واليمن لازال مقيدًا بفكر الحوثي الساعي إلى زرع الفوضى داخل الدولة وعدم الرضوخ الى القرارات الدولية التي تُعيد الشرعية إلى القيادة السياسية الحقيقة للدولة، ومحاربتها لدول الجوار وتهديد الملاحة الدولية في باب المندب، ونجد في العراق تعدد المليشيات التي جعلت منه دولة فاشلة لا تستطيع السيطرة على كامل الأراضي العراقية، وسوريا البلد الذي يتواجد على ترابه أكثر من دولة بحجج حماية المصالح، وكذلك التنظيمات الإرهابية مثل: داعش والقاعدة وغيرها، وفي فلسطين نجد الانقسام الفلسطيني الذي جعل من القضية الفلسطينية قضية لا يمكن الوصول إلى حل، وأخص بالذكر وجود حماس والجهاد الإسلامي التي تسعى دومًا إلى إفشال كل الجهود التي ترمي إلى فرض حلول مناسبة للوصول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية والعودة إلى حدود 67 والعيش بسلام، وفوق كل تلك المليشيات والتنظيمات التي جعلت من المنطقة في حالة صراع دائم نجد إسرائيل المحتلة التي تشكل بؤرة الصراع في الشرق الأوسط.
وبعد هذا الاطلاع والمتابعة للشرق الأوسط نجد حالة من التوتر والصراع المستمر مرجعها الأساسي احتلال إسرائيل لفلسطين والتدخلات الدولية في المنطقة، وكذلك وجود تلك التنظيمات المسلحة التي تحمل أجندات مختلفة على التوجه الوطني لتلك الدول، ومع قوة وتدخل تلك التنظيمات في الدولة وتأثيرها على القرار؛ فسوف تفقد الدولة قدرتها على تحقيق الأهداف التي يطمح لها الشعب لتحقيق الامن والحياة الكريمة، ولو نظرنا إلى بعض الدول التي لا تملك ثروات طبيعية أو قوة دبلوماسية، ومع ذلك نجدها تعيش في سلام أمثال: سنغافورة وتايوان وكوريا الجنوبية نجد أن الحكومات الوطنية لتلك الدول تعمل بكل كفاءة واقتدار لعدم وجود تنظيمات مسلحة تنافس على السلطة، وتحاول تأخير عجلة التنمية أو تعطيلها، وفي محيطنا الشرق أوسطي نجد دول الخليج العربي تعيش في سلام وتقدم وازدهار بفضل الله ثم بفضل العمل الحكومي القائم على الإيمان الكامل بتوفير الأمن والحياة الكريمة لمواطنيها، وبدون تدخل من التنظيمات المسلحة التي تنافس على السلطة وفرض الهيمنة والقضاء على أي نشاط إرهابي قد يحدث يومًا ما.
والغايات الوطنية المنشودة تتمثل دائمًا في الأمن والتقدم والازدهار، وتوفير الحياة الكريمة للشعوب؛ وللوصول لذلك يجب فرض إرادة الدولة على أراضيها وحماية السيادة الوطنية، والسير نحو نظام إقليمي خالٍ من أنشطة التنظيمات المسلحة المنافسة على السلطة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button