المقالات

تجمع مكة الصحي و(المشاهير)

** في مشهد إنساني لفت الأنظار في مركز العلوم العصبية بمدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة، تفاعل المراجعون والأطباء مع ذوي أحد المستفيدين من الخدمة الطبية، إذ عانق أحد المواطنين أحد الأطباء بحرارة بالغة ودموع الفرح تغالبه، ودعواته تسبق تعبيراته ومشاعره تجاه الطبيب، والدكتور يردد: توفيق الله، الحمد لله، هذا واجبنا، ثم التفت الرجل إلى شخص بجواره من ذويه ليقدّم الطبيب: الدكتور محمد غازي عبده، استشاري جراحة المخ والأعصاب.
** لفتني اسم الطبيب وعادت بي الذاكرة إلى ما قبل سنتين تقريبا فقد هاتفني أحد الأصدقاء كنت أعلم عن مراجعاته الطبية في أحد مستشفيات منطقة مكة المكرمة، وفاجأني أنه شُخّص بورم ضاغط على الدماغ، ونصحه الطبيب المباشر لحالته بتقديم تقاريره الطبية لمدينة الملك عبدالله لمتابعة العلاج، فأجبته بأنني أعددت تقريرا تلفزيونيا لقناتي السعودية والإخبارية بثتاه في نشرات الأخبار عن بعض منجزات المدينة الطبية، ومنها عملية جراحية معقدة لإزالة ورم سرطاني كبير وضاغط على الدماغ وتكللت بالنجاح، وغيرها الكثير من العمليات المشابهة، أجراها فريق طبي متخصص بقيادة الدكتور محمد غازي، لكني لم ألتقِ الطبيب في اللقاءات التي أجريناها مع بعض أطباء وقيادات المدينة.
** قدّم الصديق تقاريره وفي غضون يومين تم قبول الحالة، وأجريت له عملية جراحية معقدة استمرت قرابة عشر ساعات على يد الفريق الطبي برئاسة الاستشاري محمد غازي، ويتمتع بكامل صحته حاليا، وعندما عَرفت الطبيب وبعد أن ودّعه ذوو المريض، تقدمت إليه لتهنئته بهذه الدعوات التي تحفه من المرضى وذويهم، قلت له أنت موفق يا دكتور، فرد بهدوء وثقة: الحمد لله، نحن نعمل ونطبق ما تعلمناه والشفاء من الله تعالى، ثم الإمكانات الكبيرة التي وفرتها الدولة لنؤدي مهمتنا الوطنية والإنسانية… كان الدكتور يتحدث في هدوء تام، وثقة كبيرة، ودقة متناهية دقة جرّاح المخ والأعصاب.
** نظرت في سيرة هذا الطبيب الواثق بالله ثم بنفسه، في تواضع جم، وإنسانية تسبقه إلى المرضى، فإذا بها سيرة حافلة بالمنجزات والخبرات، فقد عمل منذ 2008 إلى 2016 في جامعات ومستشفيات عالمية، إذ عمل كطبيب مقيم في قسم جراحة المخ والأعصاب في جامعة باريس، ثم عمل طبيبا مقيما في مستشفى جامعة السوربون، ثم في مستشفى سانت آن الجامعي، ثم طبيبا مساعدا في مستشفى باريس، ثم انتقل إلى بلجيكا وعمل طبيبا استشاريا مساعدا – زميل إكلينيكي في قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى إيراسمي، بروكسل، ثم زميل إكلينيكي في قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى طب الأعصاب، جامعة ليون بفرنسا، وعاد في 2017 ليطبق خبراته الكبيرة في المؤسسات الصحية داخل الوطن، من خلال مدينة الملك عبدالله استشاريا في تخصصه الدقيق، ليؤدي واجبه الديني والوطني والمهني لمراجعي المدينة مع الفريق الطبي بقسم جراحة المخ والأعصاب، والأقسام الأخرى.
** لم يسع الطبيب الناجح الدكتور محمد غازي للشهرة الخاوية، والفلاشات الزائفة، وإنما جاءته الشهرة نتيجة بنائه العلمي، وإخلاصه المهني، واستشعاره للمسؤولية الطبية، إذ يرى المريض وذووه في الطبيب منقذا بعد لطف الله، وخاصة في مثل هذه التخصصات الدقيقة والدقيقة جدا.
** ولا شك أن التجهيزات الكبيرة التي تحتضنها مدينة الملك عبدالله الطبية عضو التجمع الصحي بمكة، وتخصص مراكزها في الأورام، القلب، العيون، وصحة الرأس والعنق وقاع الجمجمة، وتميز كوادرها الطبية، والمؤسسات الصحية التابعة للتجمع الصحي بمكة المكرمة حققت منجزات في أقسامها، بخبرات كوادرها الطبية، وتجهيزاتها الحديثة، لتقوم بواجبها في خدمة المواطنين والمقيمين وضيوف الرحمن على مدار العام.
** يقود العمل المميز في هذه المؤسسات وما يتم إضافته لها من مستشفيات ومراكز صحية موسمية لخدمة ضيوف الرحمن، الرئيس التنفيذي للتجمع الصحي بمكة المكرمة الدكتور حاتم بن أحمد العمري، الذي لا يألو جهدا في توظيف خبراته الطبية والقيادية في تنفيذ برامج التجمع الصحي المنبثقة من مبادرات الوزارة في رؤية المملكة 2030، والتي تتمثل في: التحول الصحي ونموذج الرعاية الصحية، الحوكمة، الصحة الإلكترونية، الضمان الصحي، مشاركة القطاع الخاص، والقوى العاملة، وانعكس ذلك على تناغم فرق العمل التي تضم شريحة كبيرة من مختلف التخصصات الطبية والتمريضية والإدارية والفنية.
** هذه النماذج المضيئة من أبناء الوطن ونجاحاتهم الطبية والقيادية ومنجزاتهم العلمية، هم من يستحقون الإشادة وإبراز الجهود، لكنهم جعلوا أعمالهم وأماكنهم تشهد لهم بالشهرة الحقيقية التي وجدوها في تقديم الخدمة الراقية بإخلاص للمستفيدين من الخدمات، وتلمسوا السعادة في إشراقة عيون المرضى وذويهم، وابتساماتهم ودعواتهم.
** والنماذج المخلصة من أمثال الدكتور حاتم والدكتور محمد كثيرة، ممن أخذوا على عواتقهم الارتقاء بالخدمة الطبية حتى غدت المملكة مقصدا لطالبي الخدمات الصحية المجوّدة من دول الجوار والمحيط العربي بل والعالمي بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى