يشرفني اقتباس هذا العنوان من خطبة الجمعة في يوم عيد الفطر المبارك العاشر من شوال لعام ١٤٤٥هـ التي ألقاها في المسجد الحرام معالي الشيخ الفاضل والعالم الجليل الدكتور/ صالح بن حميد -حفظه الله- والتي تركزت حول هذا الموضوع وأهميته في الحياة، وقد تأثرتُ بها كثيرًا ووجدت من الضرورة الكتابة عنها للتوعية والتثقيف والتوظيف لها.
فإذا كان المثل المعروف (صوموا تصحوا) قد ثبت صحته ومصداقيته دينيًا وطبيًا وعلميًا؛ فإن هناك تعليمات إلهية من القرآن، وكذلك من السنة يؤدي اتباعها إلى الرضا والسلم والصحة الجسدية والنفسية مثال قوله تعالى في سورة آل عمران الآية ١٣٤: (…وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فماذا هناك أفضل وأعظم من محبة الله للإنسان الذي يكظم الغيظ ويعفو عن الناس؟ ومن منّا لا يحتاج إلى هذه المكرمة التي ليس بعدها مكرمة وفضل؟
ويأتي في سياق البحث عن الصحة والرضا والتوافق النفسي والعقلي ما أسماه معالي الشيخ صالح التغافل فما هو “التغافل”؟ وما هي صوره وكيف يمكن الالتزام بها والعمل عليها وما هي نتائجها وفرائدها؟
قبل محاولة الإجابة على تلك الأسئلة، أرى من الضرورة إلقاء الضوء على تفاعل الإنسان ومعايشته في حياته اليومية؛ فبما أنه كائن حي؛ فهو يتعرض يوميًا لمواقف وأحداث كثيرة في حياته الخاصة، وتفاعله مع الآخرين بشكل يومي، وأحيانًا كثيرة يُحقق الإنسان توافقًا مع نفسه والآخرين في تحقيق أهدافه وتلبية احتياجاته، وأحيانًا أخرى يجد الإنسان صراعًا أو تصادمًا مع الآخرين في الوصول إلى تحقيق احتياجاته الضرورية والكمالية؛ فلا يجد نفسه إلا أمام خيارين إما المسايرة والانقياد للآخرين، وإما التنافس والصراع والتفاعل السلبي في سبيل تحقيق أهدافه واحتياجاته فمن لا يوافقه في آرائه أو قيمه واتجاهاته، يتخذ منهم موقفًا عدائيًا وربما سلوكًا سلبيًا وتصادميًا؛ ولذلك جاء تشخيص واقتراح أسلوب ولغة التغافل حلًا لكثير من المشاكل في مواقف التنافس أو الاختلافات ومساهمة في توفير الصحة النفسية والجسدية للإنسان، وهنا نصل إلى التعريف بمصطلح أو كلمة التغافل وكيفية ومتى نوظفها ومرادفاتها في المقال القادم؟
0