من أكثر البرامج الإذاعية والتليفزيونية التي تشهد إقبالًا من المستمعين والمشاهدين البرامج الدرامية، والتي تأتي على شكل مسلسلات وسلاسل وأفلام، لأنها تُحاكي واقع الناس وتتناول قضاياهم، والبرامج الناجحة هي تلك التي تُعبر عن عقلية الجماهير وهمومها وقضاياها، وتتعلق بها لما فيها من تسلية وترفيه تُساعد الناس على الهروب من واقعهم، وتُقدم لهم شخصيات تُشبهم؛ فيتعاطفون معها مما يجعلهم يشعرون بالمشاركة في القصة، وتسليطها الضوء على جوانب مختلفة من الثقافة، زيادة لوعي الناس وتعليمهم لتعدد القضايا التي تتناولها مواقع التواصل الاجتماعي بما توفره من موضوعات للمناقشات والحوارات بينهم، والتعبير عن انفعالاتهم ومشاعرهم، وتوسيع آفاق المعرفة لديهم، والتعرف على ثقافات أخرى.
ورغم الإيجابيات التي ذكرناها عن الدراما العربية؛ فهناك مثلًا ترويجها للإرهاب عبر تناولها لقضاياه بطريقة تُعزز من مكانته والترويج له بين الشباب؛ ظنًا منها أنها تسعى لمحاربته مما يُشكل خطرًا على المجتمع. تناولها لتجارب وواقعيات اجتماعية متنوعة دون مراعاة لحساسية ذلك لكون بعضها قد يؤدي إلى تدمير الأسرة وإضعاف قيم الاحترام والتفاهم والتواصل الفعَّال بين أفرادها، وعدم تقديم الحلول البناءة للمشاكل التي تواجهها الأسرة بدلًا من تعميق الصراعات بين أفرادها. تقديم صورًا مشوهة للشخصية العربية وثقافتها باختيار شخصيات متنمرة على مجتمعها بما تقوم به من تصرفات عنيفة وسلوكيات منافية للأخلاق والدين والعادات، والتقاليد والإصرار على الاستمرار على إعادة تقديمها بصور أخرى لتأطير ذلك، وصنع صورة ذهنية سيئة عن الشخصية العربية، ودفع الشباب لتقليدها بسلوكيات منافية للأخلاق بعرض الرذيلة والمخدرات والتجارة المحرمة، والخروج على النظام والقانون، والسعي إلى فصل الدين عن الحياة والتمرد على الأنظمة والقوانين والأخلاق بحجة الحرية الشخصية، والعمل على نشر الطبقية بين فئات المجتمع بعرض صور الشخصيات الغنية وواقعها المرفه، وجعل ذلك الطموح للعيش بذلك المستوى حتى تكوينه بطرق غير مشروعة.
فشلها في التعبير عن القضايا الهامة والمتنوعة في المجتمع العربي مثل قضايا الصحة النفسية، وحقوق الإنسان، والتحديات الاجتماعية المعاصرة، مما قد يُقلل من قدرتها على تمثيل الواقع بشكل كامل وشامل، وقيامها بالتعزيز للغزو والاستعمار الثقافي الغريب عن المجتمعات العربية.
عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى