المقالات

صناعة الكلام ورؤية 2030

كثيرون يغيب عن عقولهم اهتمام رؤية المملكة 2030 بصناعة الكلام؛ وذلك لأنهم يعتقدون بأن الرؤية تهتم بشكل عام بتطوير الاقتصاد وتوفير المتطلبات الأساسية للمجتمع.
لكننا لو أمعنا النظر في أحد الأهداف الإستراتيجية لبرنامج “جودة الحياة” أحد برامج رؤية 2030 نجد من الأهداف الجميلة لبرنامج تنمية القدرات البشرية “الاهتمام باللغة العربية”، وهو هدف إستراتيجي ضمن أهداف تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية، ولا يكون ذلك إلا بتعلم فن صناعة الكلام، والاهتمام بفن الحوار، والقدرة على التأقلم، والعيش مع الحضارات والشخصيات المتنوعة في هذا العالم بل ومع بعضنا البعض.

إن الاهتمام بصناعة الكلام يأتي ضمن أهم المستهدفات لبناء شخصية إبداعية متميزة تستطيع تحقيق أهدافها وطموحاتها بسهولة وقدرة عالية من التفاني، ولو عُدنا إلى العصر القديم لوجدنا أن أهم وسيلة تم استخدامها منذ خلق الله البشرية على هذا الكوكب هو الكلام.
فنجد أن الرسائل السماوية بلّغها الله إلينا من خلال أنبيائه ورسله عن طريق الكلام.
قيادة الشعوب والحضارات كانت عن طريق الكلام.
ختم الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي كانت معجزته القرآن الكريم، وله علاقة بصناعة الكلام؛ لأنه كان معجزته صلى الله عليه وسلم وهو يتحدى صناعة الكلام عند العرب؛ لتميزهم فيه.
لهذا نجد أن من أعظم الوسائل لتحقيق النجاح هو فن صناعة الكلام، وبالنظر إلى وقتنا الحاضر، وما حدث في السنوات الماضية من تأصيل للطرائق والأسس التي تُعلمنا منهجية صناعة الكلام نجدها للأسف الشديد مقتبسة من الغرب الذين حسب علمي تأثروا بالحضارة العربية، وتعلموا طريقة العرب في فن صناعة الكلام ثم حرفوا تاريخ صناعة الكلام؛ ليكون من صنعهم، وصدقنا ذلك نحن..

إن صناعة الكلام هو ما يُميز لغتنا العربية ويميز خطاباتنا وخطبنا، وله تأثير عظيم جليل على مسامع من يستمع إليها، لهذا كان لزامًا علينا الاهتمام والاعتناء بصناعة الكلام بطريقة أكثر إبداعًا وأكثر جمالًا وأكثر دقة مما تعلمه الغرب من لغتنا وثقافتنا وتاريخنا.
أطلقت بفضل الله المدرسة الجديدة في صناعة الكلام، والتي تركز على قواعد أساسية في الحوار بمفهوم جديد مختلف يُغير الطريقة التي يتحدث فيها الناس مع بعضهم في شتى المجالات وفي شتى الوسائل.
ابتداءً من إقناع الناس بأن أسلوب الحوار في صناعة الكلام، وهو أساس علم صناعة الكلام لا يعتمد على السؤال والجواب، وإنما يعتمد بالدرجة الأولى على القدرة وسرعة البديهة في إتقان استخدام الكلمات المناسبة لقيادة نص وصوت الحوار لتحقيق هدفك الذي تريده، وهذا ما نراه واضحًا جليًا حين نتدبر القرآن الكريم من خلال الآيات والكلمات التي تحقق مبدأ الإعجاز فيه.
ومن خلال النظريات الخمس التي أسستها في صناعة الكلام نستطيع أن نتقنه بكل سهولة وتحقيق أهدافنا في أي مجال تحدثنا فيه ثقافيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا أو حتى في علاقتنا الشخصية بدءًا من الزوجة وانتهاءً بمن تقابله في الشارع لأول مرة.
وهذه النظريات الخمس هي: النظرية الثلاثية وقيادة النص، وقيادة الصوت وإدارة الوقفات، وفن التكرار.
على أمل أن ألتقيكم -بإذن الله- في مقال قادم.
تذكروا أننا نستطيع قيادة الناس، ولكن كيف يحسن قيادة الناس من لا يحسن مخاطبتهم.

مؤسس ورئيسأكاديمية الخطابة وإعداد القادة

الكابتن عبدالله الزهراني

مؤسس ورئيس أكاديمية الخطابة وإعداد القادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى