المقالات

نعمة الوطن

مما دفعني لكتابة هذا المقال النص الذي نشره عن الوطن معالي أ.د. بكري معتوق عساس رئيس جامعة أم القرى السابق؛ حيث قال:
“ما أجمل حب الوطن!
بلد صحبت به الشبيبة والصبا …
ولبست ثوب العيش وهو جديد
فإذا تمثّل في الضمير رأيته … وعليه
أغصان الشباب تميد
حب الأوطان ليست مشاعر فائرة! إنه حب متجدد محفور في الأجسام والأفئدة، اللهم احفظ بلاد الحرمين الشريفين وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه”.
والمقال يُعبر عن عُمق العلاقة بين الإنسان ووطنه، ويوضح أهمية حب الوطن كقيمة أساسية في الحياة، ودلالات ذلك أن الوطن ملاذ آمن ومصدر للحياة وطمأنينتها، ويدعو إلى التمسك بالهوية الوطنية، والتأكيد على أهمية الدعاء لحفظ الوطن وقيادته وشعبه، والتعبير عن الوفاء والالتزام بذلك.
فالوطن من أفضل النعم التي منَّ الله بها على الإنسان أن جعل له وطنًا ينتمي إليه؛ ليعيش فيه وينشأ ويتربى على لغته وثقافته ودينه، والوطن من النعم المنسية من الشكر لله عليها من البعض لكثرة ما يتنعم فيه من خيراتها، والوطن كلمة قصيرة بمعانٍ كبيرة، ولا يقدر قيمته إلا المخلصون من أبنائه، ولا يوجد للإنسان قيمة في المجتمع الدولي بدون وطن. وحب الوطن ليست كلمة تُقال، لا يكفي التعبير عنها بالشعر والغناء بل السلوك الإيجابي الذي نحسن فيه تمثيل بلدنا بلغته ودينه وعاداته وتقاليده وحمايته من سلبيات الثقافات الغريبة الأخرى وعدم الارتهان للأعداء، أو الإساءة إليه بسلوكيات منحرفة تشوه سمعته بما يتناقض مع واجب الانتماء إليه؛ لأنه المكان الذي يوفر الأمن والأمان والاستقرار، ويُشكل مصدر فخر للإنسان.
ويحث الدين الإسلامي على حب الوطن والانتماء إليه، والتعبير عن ذلك بالولاء والبراء له من الالتزام بالقيم والمبادئ التي تحقق مصلحته والبُعد عما يضره، ويحث على المشاركة في بنائه، والإحسان والمحبة له ولأهله، والتعاون والتضامن مع أفراد المجتمع في مختلف الظروف.
وحب الوطن والاستمتاع به لا يمنعنا من مشاركة المحرومين من أوطانهم الذين اضطرتهم الظروف لمغادرتها، بالشعور بهم والتخفيف عنهم، والسعي إلى دمجهم في المجتمعات التي هاجروا إليها لتوفير بيئة داعمة ومتضامنة للتكيُّف مع الحياة التي هم فيها، بالتواصل والتفاهم معهم، وتوفير الفرص المريحة لهم، والتقدير والاحترام لهم، والتعليم والتوعية لهم لإحداث التناغم الاجتماعي؛ لكسب ولائهم للأوطان التي يعيشون فيها.
والمملكة العربية السعودية من أكثر الدول التي يحبها العرب والمسلمون لمكانتها الدينية، ودورها السياسي في العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، وقيادتها الروحية لهم بما تقدمهم لهم من دعم وإرشاد روحي من خلال تنظيم الحج والعمرة ودعم المسلمين في كل مكان، وكذلك لمكانتها الاقتصادية المهمة وتأثيرها في الاقتصاد العالمي، وهناك نماذج لبعض ممن ولدوا ونشأوا على أرضها ودرسوا فيها وعمل معها يحبونها كثيرًا بنفس مستوى مواطنيها، ويعبرون عن حبهم من خلال الكتابة ونشر المقاطع المصورة في مختلف شبكات وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن المملكة، وهم داخلها وبعد مغادرتها إلى بلادهم الأصلية؛ فتجدهم يتحدثون عنها ويجسدون ثقافتها ولغتها بلهجات مناطقها، ويعبرون عن حبهم لها وتذكر الذكريات الجميلة فيها.
-عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى