حين كان (السؤال صعبًا) قلت: (لا مستحيل .. هذا الرحيل، من يقطع الصمت الطويل ويدلني).
وحين كان (الفجرُ بعيدًا) قلت: (أنا حروفي في غيابك لا هي حكي ولا هي قصيد أكتب الظلما وأعيد).
تلك (الظلما) التي بدت لك يا سيدي في غياب الحبيبة لا تبدو لنا إلا قناديل عشق فمثلك لا يظهر في محيا حرفه إلا النور فمنك تكتسب الكلمات ضياءها ! فحين وافاك القدر سقطت النجوم وانخسف القمر فلا بدر بعدك يا أمير !
لوهلة شعرت بأن بداخلي رغبة ملّحة بالبوح لك ولقصائدك العذبة التي اعتدت الوقوف على مرافئها من حين لآخر!
ولكن أرجوك أخبرني هل هذه القصائد من وحي ملاك؟ أم أنها قطعة من الجنة أم من مناجم الماس؟
هي أشعار متفردة تُشبهك في اختلافك، فقد صدقت حين قلت ذات قصيدة (ما أشوف الأنداد أنا وحيد الشعر ما انخلق ثاني) ما أجمل الاعتداد بالذات لا سيما ذاتك !
لا أود البوح بلغة يعانقها الشجن ولكن تحيطني أغنياتك التي عاشت بداخلي وربتت على قلبي وروحي، فكانت الملاذ والمنطقة الآمنة التي أحب اللجوء إليها ..
إنني أتحدث إليك الآن وتشاطرني إحساسي قصيدتك الشهيرة (ردي سلامي للهوى) إذ تسيل أحرفها باكية كما لو كانت الكلمات ليست إلا مآقي! أما (صوتك يناديني) فهي ما تبقى لي من ذكرى حنيني !
يا من رفضت المسافة والسور والباب والحارس، وجلست خلف ظهر النهار، الشعر اليوم يُمارس ذات الرفض واقفًا على بابك! ينشد الإلهام عن غيابك: (هل البدر فعلا رحل أم أن البشر لديهم واقع آخر لا نحيط به علما؟ ولكن كيف ذهب وهو شاعر حالم والعوالم الحالمة لا يعرف الحتف إليها سبيلًا؟!)
فلا يجيب الإلهام وكأنه يحتمي بالصمت من حزنٍ عميق أعقبه فراقك، فيمضي الشعر مجددًا في سراب الأسئلة ..
وأمضي أنا .. (ألّوح للمسافر) بعد أن كتبت له على جدار الوقت:
(سيدي قم) ما لهذا الحزن آخر !
(سيدي قم) أم رحلت لوادٍ لا صدى يوصل ؟
(سيدي قم) عنك الصبر كذبة وفيك العمر موعود !
رحم الله شاعر الوطن والحب ..
مهندس الكلمة الأمير بدر بن عبد المحسن، وربط على قلوب ذويه ومحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون ….