المقالات

السُّفهاء

أصعب امتحان للنفس أن تكون ذا أخلاق وقيم ومبادئ، ولك قيمة تعرفها ويعرفها الجميع من المنصفين حولك ثم تُصاب في أن تكون في موقع أو مواجهة مع سفيه جاهل أرعن فاقد للقدرة والإمكانية؛ فيكون امتحانًا لصبرك وطولة بالك؛ لأنك بين أمرين.

إما أن تنزل لمستوى هذا البليد، وتستخدم أدواته التي هي بلا أخلاق ولا أدب ولا سلوك طيب أو أن تغض النظر وتكظم غيظك، وتترك للعقلاء المجال لتوعيته ووضعه في المكان المناسب له، وإيقاف تماديه وبذاءة أسلوبه.

ولا شك أن المنهج القرآني القويم حثنا على ضبط النفس، وطلب منا عدم الغضب .

كما وجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن القوي هو الذي يملك نفسه عند الغضب.

كما أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن يكون ردنا على الجهلاء والسفهاء بأن نقول سلامًا لإغاظتهم أكثر، والترفع عن مستواهم السيئ.

وحتى عندما تطلب محاورتهم بأدب لحل أي إشكال قد ينشأ تجد أسلوب الجهال في الانتقام والعدوانية والهروب من المواجهة والحوار؛ لأنهم أبعد ما يكونون عن المعرفة بأصول الحوار والنقاش وتوضيح الصورة، وحل أي إشكال عن طريق تبادل الرأي وتداول المشورة.

ولا شك أن الكثير من الأرفع قيمة ومكانة يقعون في حياتهم في مواقف يكونون فيها بدون رغبتهم في أماكن عمل وإنجاز مع السفهاء والجهلاء الذين يقلون عنهم بكثير أخلاقًا ومكانة وأدبًا، وهنا ليس عليهم إلا الصبر على أذاهم وتجاهلهم؛ لأن الصبر على كيد الحسود قاتل له كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

وبطبيعه الحال لا بد للحليم من موقف، ولا بد للنبيل من تصرف يؤدب هؤلاء الصغار، ويعيدهم إلى رشدهم.

ويقول لي زميل له عن مكانته وعطائه واحترام الناس له بأنه وجد نفسه بين مجموعة من الصغار السفهاء والجهلة، وحاول معهم بالحوار والأدب واللطف والتواضع، ولكنه وجدهم يتمادون في غيرهم وضعف أنفسهم وبلادة سلوكهم، وأضاف بأنه لا يرضى لنفسه النزول لمستوى هؤلاء خصوصًا وأن الأعمال التي تجمعه بهؤلاء السفهاء تحكمها المصلحة العامة والإنتاج البشري العام، وهو يثق بعقلاء متزنين في إطار الشكاوى مع هؤلاء؛ لأن السفيه يؤذيك بمجرد أن تنزل لمستواه.

ولا شك أن الكثيرين يواجهون أمثال هؤلاء، والتعامل بشموخ وعزة ورفعة وأدب تجاه إساءتهم وسلوكهم السيئ؛ لأن الباقي هو أن الشمس لا يمكن أن يحجبها غربال، ولن يصح إلا الصحيح مع جميع أشكال السفاهة والجهالة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button