جعلت الرقمنة والمعالجة الرقمية الخدمات المصرفية في عالمنا اليوم أكثر سهولة منذ قبل، وأصبح قطاع الأعمال بشكل عام مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بل ومن ضمن احتياجاته الملحة والضرورية إلى الرقمنة والمعالجة الرقمية.
وتُعد الرقمنة والمعالجة الرقمية والتحول الرقمي في واقع الأمر مصطلحات ومفاهيم غالبًا ما تستخدم بالتبادل فيما بينها؛ فلنتعرف سويًا على الاختلافات فيما بينها.
يعتقد عادةً أن الرقمنة والمعالجة الرقمية والتحول الرقمي هي كلمات مختلفة لنفس الشيء، ولكنها مفاهيم تقنية منفصلة لها آثار مختلفة على قطاع الأعمال؛ إذ تعمل الرقمنة على تحويل البيانات التناظرية إلى تنسيق رقمي، وتعمل المعالجة الرقمية على تحسين العمليات وتطويرها، في حين أن التحول الرقمي يُمثل نقلة نوعية كاملة لإعادة تشكيل قطاع الأعمال من خلال الاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وذلك بشكل عام.
وبشكل خاص تعد الرقمنة؛ وذلك بدءًا بالمصطلح الأكثر وضوحًا، عملية تحويل البيانات في شكلها الورقي إلى تنسيق رقمي، ويمكن أن يحدث هذا بعدة طرق ولكنه يتضمن عادةً الخطوات التالية:
أولًا: يتم التقاط الإشارات التناظرية على فترات منفصلة، وتحويلها إلى تمثيل رقمي؛ فعلى سبيل المثال، يمكن قياس إشارة تناظرية ثم أخذ عينات منها عند تردد 44.1 كيلو هرتز وتحويلها إلى قيم رقمية لتصبح 16 بت، والبايت (Byte) وحدة معلومات رقمية في الحاسبات، وفي الاتصالات تتكون في العادة من 8 بت (Bit).
ثانيًا: وبمجرد ظهورها في شكلها الرقمي، يقوم المستخدم بإزالة الضوضاء منها وتحسين الإشارة لأغراض محددة. إذا يمكن معادلة الإشارات الصوتية وضغطها لتناسب تفضيلات المستمع؛ وذلك على سبيل المثال.
ثالثًا: وفيما يتعلق بالتخزين الرقمي يمكن ضغط البيانات الرقمية وتخزينها على محركات الأقراص العصابة أو على التخزين السحابي، كما أنه من الأسهل الإرسال عبر الإنترنت والقنوات الرقمية الأخرى مع الحد الأدنى من فقدان الجودة.
ويتم أيضًا استخدام الرقمنة في العديد من التطبيقات الحديثة اليوم، ابتداءً من قوائم تشغيل Spotify وحتى الصور الشخصية على Instagram وتخزين البيانات، ولقد أحدث ثورة في العديد من الصناعات، وجعلت العمليات التناظرية أسهل بكثير وأكثر كفاءة.
أما فيما يتعلق بالمعالجة الرقمية والتي يكون فيها تحويل العمليات التناظرية وجعلها عمليات رقمية، تمامًا كما لو اعتبرنا أنها طريقة لأخذ الأساليب القديمة في فعل الأشياء وإضافة لمسة رقمية عليها، وتُعرف أيضًا بأنها استخدام التقنيات الرقمية لتغيير نموذج الأعمال، وخلق فرص جديدة للإيرادات والقيمة الإضافية لنماذج الأعمال، وسوف أقوم بسرد ثلاثة من أهم الفوائد الرئيسية للمعالجة الرقمية، وهي كالتالي:
أولًا: تعمل تطبيقات تكنولوجيا المعالجة الرقمية على المهام اليومية لتحسين الكفاءة والإنتاجية.
ثانيًا: من خلال المعالجة الرقمية، أصبح من الممكن لقطاع الأعمال تبسيط عملياته وجعلها أكثر كفاءة.
ثالثًا: يمكن نقل المعلومات الرقمية وتخزينها بسهولة أكبر من المعلومات التناظرية، لذلك توفر على المنظمات وقطاع الأعمال أيضًا الوقت والمال من خلال المعالجة الرقمية.
وبالتالي، فإن المعالجة الرقمية هي بوابة إلى أعمال أكثر ربحية وكفاءة. فهي تقوم بأتمتة المهام التي تم إجراؤها يدويًا في السابق، مثل استخدام برنامج لإنشاء التقارير بدلًا من جداول البيانات أو العمليات الورقية، ويمكن أن تتضمن أيضًا استخدام الأجهزة الرقمية لإكمال المهام التي تم إجراؤها مسبقًا دون الاتصال بالإنترنت، مثل: استخدام الهاتف الذكي لإجراء حجز في مطعم أو شراء تذاكر السينما على سبيل المثال.
وأخيرًا وليس آخر التحول الرقمي، والذي يُعد ميزة رقمية إضافية؛ فهو يتجاوز الرقمنة والمعالجة الرقمية للعمليات، ويركز على إعادة رسم خارطة الطريق للمنظمات بأكملها لتصبح جاهزة لمواكبة عالم اليوم، وفيما يلي تفصيل للمكونات المتعددة الأوجه التي تشكل التحول الرقمي:
أولًا:
إنها شاملة وتتطلب تغييرات في الثقافة الداخلية المنظمة والهيكل والعمليات والحوكمة؛ وذلك باستخدام التقنيات الناشئة والتي تعمل على تبسيط العمليات الأساسية للمنظمة وإبراز القيمة الأولى لها وهي العملاء.
ثانيًا: يتوقع العملاء في قطاع الأعمال اليوم؛ وذلك على نحو متزايد أن تقدم المنظمات حلولًا رقمية مثل: الطلب عبر الإنترنت والخدمة الذاتية، بل ويسارعون إلى نقل أعمالهم إلى مكان آخر إذا لم تستجب المنظمة للتطور الحديث والمواكبة المتزامنه معًا على ذلك.
ثالثًا: تعمل التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والروبوتات وإنترنت الأشياء على خلق فرص للمنظمات؛ وذلك لتحسين عملياتها وخدمة عملائها بشكل أفضل.
ويساعد التحول الرقمي المنظمات وقطاع الأعمال على مواكبة التغيرات في بيئة أعمالها والحفاظ على قدرتها التنافسية؛ ولفهم أعمق سأقوم بتحليل الفروق الدقيقة بين الرقمنة والمعالجة الرقمية والتحول الرقمي. فهناك أوجه تشابه واختلاف بين الرقمنة (Digitaztion) والمعالجة الرقمية (Digitalization) والتحول الرقمي (Digital Transformation) من حيث تركيزها وتأثيرها الفريد فأدناه سأقوم بسرد العناصر الأساسية التي يجب مراعاتها في أوجه التشابه وأوجه الاختلاف.
ففي جانب أوجه التشابه تشترك جميعها أنها تستفيد من التكنولوجيا لتحسين الإنتاجية والكفاءة وصنع القرار. إليكم الطريقة:
أولًا: التكنولوجيا حجر الزاوية فالتقدم التكنولوجي يقود كلٌّ منهم إلى تحويل البيانات التناظرية إلى رقمية أو تجديد نماذج الأعمال.
ثانيًا: الهدف النهائي لكل منهم في عملياته هو تحسين الإنتاجية والكفاءة.
ثالثًا: يستخدم جميعهم البيانات لاتخاذ القرارات والإجراءات.
أما فيما يتعلق في أوجه الاختلاف فيما بينهم؛ فإنهم في جانب العمليات جميعهم يستفيدون من التكنولوجيا، لكنهم يختلفون في النطاق ومستوى التأثير والأهداف النهائية، وعلى وجه التحديد في نطاق العمل وهو كالتالي:
أولًا: ترتكز الرقمنة على تحويل البيانات، بينما تختص المعالجة الرقمية بتحسين العمليات باستخدام الحلول الرقمية، بينما يستفيد التحول الرقمي من التكنولوجيا لإجراء إصلاح تنظيمي شامل ومتكامل.
ثانيًا: فيما يختص بمستوى التأثير، فإن مستوى التأثير في كثير من الأحيان لا سيما في الرقمنة يكون بمثابة تغيير على مستوى المهمة، وتؤثر المعالجة الرقمية على العمليات التشغيلية، في حين أن التحول الرقمي يُمثل تحولًا إستراتيجيًا.
ثالثًا: فيما يختص في المحصلة النهائية، تهدف الرقمنة إلى تسهيل الوصول إلى البيانات، وفي الوقت نفسه، تستهدف المعالجة الرقمية الكفاءة التشغيلية، ومن ناحية أخرى، يهدف التحول الرقمي إلى التحول التنظيمي الكامل والشامل.
لذلك فإنه من المؤكد أن فهم أوجه التشابه والاختلاف هذه في تحديد المنهج الأفضل لمنظمتك سوف يُساعدهم في فهم الأهمية التجارية لهذه المفاهيم بعد قراءة هذا الشرح المفصل لهذه للمفاهيم. فلقد عكفت المنظمات التي حققت نجاحًا كبيرًا في مجال الرقمنة والمعالجة الرقمية والتحول الرقمي اليوم على جانب ومنحنى إستراتيجي يركز على احتياجات عملائها ونظامها البيئي الداخلي يثبت أهمية ما تم ذكره أنفًا. لذا، وإذا كنا نفكر في الشروع في رحلة التحول الرقمي لمنظمة ما، فلنركز على الخيارات التي ستخلق أكبر قيمة لعملائنا وأصحاب المصلحة، وليس فقط الكفاءة والفاعلية للمنظمة فحسب.
0