المقالات

(كوارث الديمقراطية)

كتبتُ مقالًا قبل ثلاثين عامًا في صحيفة “الندوة” حينما كان يرأس تحريرها سعادة الأستاذ/ يوسف دمنهوري “رحمه الله”؛ بعنوان (نكبة الديمقراطية) ذكرت فيها أن الديمقراطية ما هي إلا كلمة يعبرُ من خلالها المستنفعون وأصحاب المصالح إلى سدَّة الرئاسة تحت مسمى انتخابات شعبية ديمقراطية يتخللها كثيرًا من الاستغلال لعواطف الناس واحتياجاتهم ووعدهم بأحلام وأماني لا يتحقق منها شيء على أرض الواقع…
ولو نظرنا إلى العالم اليوم؛ لوجدنا بعض دُولِه التي تُنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان هي أبعد ما تكون عن ذلك ولم تحقق لشعوبها سوى الوهم.. والخداع.. والسراب..
أما في عالمنا العربي والعالم الثالث فحدِّث ولا حرج؛ فتحت مسمى الديمقراطية وتحت قبة البرلمان تسمع أقذع السباب والصراخ بين أعضاء المجلس في مشهد مسرحي هزلي يستفز المشاهد… وبدلًا أن يصبح المجلس معينًا للسلطة التنفيذية أو الحكومة يصبح المجلس وأعضاؤه حجرة عثرة في طريق التطوير والبناء والنماء والازدهار وعبئًا على الدولة…
ونرى اليوم بعض الشعوب التي صدّقت بالديمقراطية قد دخلت نفق الضياع والتفكك والانقسام.. بل إنه قد وصل بها الحال إلى انقسام البلاد إلى دويلات وانشطر المجتمع إلى عدة مجتمعات.. بعد أن دخلت في حروب لا نهاية لها. وأي مواطن في العالم لا ينشد من حكومته وقيادته سوى حياة كريمة وأمن وأمان.. ورفاهية.. وتطور وتقدم ومواكبة للعصر بعيدًا عن المسميات البراقة التي أثبتت فشلها وعدم جدواها مثل ما يُسمى بالديمقراطية… لقد عشت في أمريكا من أجل الدراسة عدة أعوام؛ فرأيت من يفترشون الشوارع وينامون فيها وهم ما يسمون (Homeless)، ورأيت الجريمة التي وصلت إلى جريمة كل دقيقة ما بين قتل واغتصاب وسلب ونهب..
وما مهاجمة مجلس الكونجرس واقتحامه إلا أحد مخرجات الديمقراطية المزعومة والتي شطرت المجتمع الأمريكي إلى نصفين!!! إن قوة أي دولة في العالم في وحدتها وتماسكها والتفاف شعبها حول قيادتها وحكومتها وعدم الخروج عليها… وكل الشعوب التي خرجت عن هذا المفهوم تدفع اليوم الثمن باهظًا جوعًا وحروبًا وتأخرًا وجريمةً، وكل ذلك بفعل كوارث الديمقراطية!!!

ناصر مهنا اليحيوي

مدير مدارس عبدالرحمن فقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى