نحمد لبلادنا بقيادتها الرشيدة اتساع المجال فيما يختص بحرية التعبير عن الرأي، وقد ظل قطاع الإعلام يلعب دوراً في التنوير والتثقيف، شارك فيه قامات إعلامية سامقة، اكتسبت القبول والمحبة لدى المتلقي الذي شهد لها بالأمانة ونزاهة الطرح، وبتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، والبعد كل البعد عن الاسترزاق بالقلم.
إن هذا النموذج من الكُتاب الإعلاميين الذي يؤكد على الحياد والنزاهة هو مثال يحتذى به في بناء المجتمعات المستنيرة، ويسهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا الغالية.
ولكن، ولكون لكل قاعدة شواذ، يتسرب إلى صفحات الإعلام منتهزو الفرص وعاطلو الموهبة للاسترزاق من مداد القلم، واستغلال القراء للاستفادة الشخصية على حساب المصلحة العامة بدس السم في الدسم، ومهاجمة الآخرين وابتزازهم بالقلم، للحصول على منافع مالية وامتيازات شخصية، عبر التهريج والتحريض.
إن العلاقة بين الكاتب والقارئ ليست عقداً أدبياً أو تجارياً فحسب، بل هي حوار له آدابه. حوار شريف مهذب يتمسك بالأسس الأخلاقية والمبادئ وقيم الدين والمجتمع، فشتان ما بين حوار يرتكز على السباب والتجريح، والاتهامات الباطلة وصولاً لمكاسب شخصية ضيقة، وبين حوار يرتكز على الاحترام المتبادل، في الرأي والفكر والمعتقد، مهما تباينت الآراء أو اختلفت الأفكار، وهذا ما تكفله كافة القوانين واللوائح المنظمة للنشر في مختلف أنحاء العالم.
ولا شك أن شرف الكلمة وأمانة القلم يشكلان مسؤولية كبيرة على عاتق كل من يمتلك هذه الهبة، فالكاتب أو الإعلامي مطالب بأن يكون أميناً على ما يكتبه، موضوعياً في طرحه، بعيداً عن الأهواء والمصالح الشخصية، عليه أن ينظر للمصلحة العامة ويسعى إلى نشر الحقيقة والتوعية، ليس ذلك فحسب، بل إن الكلمة والقلم يتحملان مسؤولية أكبر تجاه المجتمع، فالكاتب أو الإعلامي الملتزم بشرف الكلمة وأمانة القلم يساهم في بناء الوعي المجتمعي، ويعزز قيم الحق والعدل والخير، وبذلك يكون قدوة ومثالاً للآخرين في استخدام هذه الهبة النفيسة.
الالتزام بشرف الكلمة وأمانة القلم هو ما يكسب الكاتب احترام الناس وثقتهم، فالكلمة الصادقة والنزيهة تترك أثراً بالغاً في نفوس القراء، وتشكل دعامة أساسية لبناء مجتمع راق وحضاري، فإدراك المسؤولية لكل من يمتلك هذه الهبة الثمينة والتحلي بالأخلاق تتوجه كقدوة وداعم لمسيرة التنمية والتطور في المجتمع، لذا ينبغي أن نتذكر دائماً أن استخدام القلم مسؤولية كبيرة، يجب أن تكون مبنية على الأمانة والنزاهة.
إن مسؤولية الكاتب الصحفي تكمن في تقديمه معلومات دقيقة وموثوقة للجمهور، والتحقق من الدقة اللغوية والموثوقية المعلوماتية قبل النشر، والشفافية والنزاهة، ليس ذلك فحسب بل مراعاة التخصص عند الكتابة قدر المستطاع
إن المّطلع على بعض المقالات الصحفية هذه الايام سيجد انها خالفت كثيرًا مما ذكر اعلاه. فعلى سبيل المثال سنجد كاتبًا يتهم جُبنا وتورية بعض مسؤولي الاجهزة الحكومية او بعض مسؤولي الشركات بالتعالي والغرور والكبرياء والتغرير بالقراء بدون أن يكون لديهم دليل مادي سوى اعتقاداتهم الشخصية الخيالية. كما سنلاحظ بعضهم الاخر يدعي الفهم في مجالات الاستثمار والاسهم والارباح وقيمة الاسهم عند الادراج وبعد الادراج وهو لا يمتلك سهما ولم يدرس يومًا في علم الاستثمار والاسهم لذا نجدهم يكذّبون تقارير شركات متخصصة فقط لمجرد انهم لم يفهموها أو يدركوها لأنها فوق طاقتهم الذهنية وخبرتهم العلمية.
كذلك قد نجد من قلة شاذه من الكتّاب من يُقيم نفسه وحيًا على بعض الجهات الحكومية فيحرضهم على القيام بمهام وكأنهم مقصرين في اعمالهم بل منهم من ينصب نفسه مرشدًا للأجهزة الحكومية ومعلمًا لهم بمهامهم فيطالبهم بمتابعة حتى اللقاءات الشهرية التي يعقدها بعض رؤساء مجالس الإدارات للتأكد مما يطرحونه.