أتت القمة العربية في دورتها الـ 33 في وقت اشتدت بها الأزمات وأحدقت بالعالم العربي بشكل مُقلق ومخيف، فكانت مملكة البحرين الشقيقة الأكثر جدارة بأن تعقب المملكة العربية السعودية في الظهور الجامع الجاد في هذه الأزمة الخانقة وفي المواقف الأكثر خطورة وتهديدًا للدول العربية خاصة، ولتؤكد دومًا حكمة القيادات السعودية بأن دولة البحرين ذات المساحة الصغيرة أشبه بمساحة القلب النابض في الجسد العربي الحي، وأنها كانت عند الجد أهلًا للريادة والقيادة كما عهدناها دولة بعزم أمة وقادة يمتلكون من الكياسة ما يدعم حسن السياسة، فظهرت المنامة في الظروف الصعبة ليجتمع فيها القادة العرب ليناقشوا بجدية وبُعد نظر لصياغة موقف عربي موحد وحازم تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني مع استمرار جرائم حرب الإبادة والتجويع وشراسة وضراوة الحرب على قطاع غزة في شهرها الثامن التي دمرت كل شيء وسفكت الدماء وأزهقت الأرواح وشردت الأهالي، أيضًا مع الأزمات المتفاقمة وفقدان السيطرة في السودان واليمن وسوريا وليبيا والعراق ولبنان؛ بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالعمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية.
ولعل خير ما استهلت به القمة كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والتي كانت بإيجاز عناوين وثيقة جسّدت الرؤى السعودية حول قضية فلسطين وأحوال الدول العربية التي عهدت بأن السعودية بيتها الأول الأكثر أمنًا وسلامًا ومصداقية، وأن قمة البحرين تأتي تأصيلًا لتلك الرؤى والمواقف الخالدة، والتي عرج سموه من خلال كلمة كما أشرف كانت مختصرة ضافية شاملة على جوانب كانت القمة العربية الـ 32 والإسلامية بالسعودية، وقد تطرقت إليها وأتبعتها بما تحقق بعد ذلك حيث سيرت الوفود لمعظم العواصم العالمية المؤثرة للدعم وتخفيف المعاناة على الشعب الفلسطيني وإنهاء الحرب الظالمة، ثم جاءت كلمة الملك حمد بن عيسى ملك البحرين ورئيس الجلسة ليستهلها بشكر السعودية وجهودها ثم تطرق جلالته بحس المسئولية وحدس الجدية إلى قضية فلسطين وأن خيار السلام هو الخيار الإستراتيجي وتوحيد ممثلي فلسطين مدعومًا بعدة رؤى هامة على هرمها الاعتراف بدولة فلسطين، والسعي للبناء والتنمية لتحظى الشعوب العربية بالأمن والسلام والعيش الرغد، ومستقبل مشرق للأجيال القادمة.
ولعل خير من يُجسد ما جاء في كلمة جلالته أن البحرين لم تصف حول ضيوفها المشايخ والأعيان بل استدعت ببعد نظر واستشراف صادق الأطفال والشباب الذين هم قادة المستقبل في سائر المجالات ومن يجب أن يهتم بهم قادة اليوم، لا أن يكونوا وقود الحروب والشعارات العنترية، التي عانت منها غزة اليوم وراحوا ضحايا تحت أنقاض البيوت، وفي ذلك إشارة لبيب لمن كان يهمه حقًا شأن شعبه في المقام الأول وهم أمته.
شكرًا لمملكة البحرين كيان وقيادة وحكومة وشعبًا، وبإذن الله نلمس جهود القمة قريبًا تأتي أكُلها في وقف الحرب وحقن الدماء ولم شمل الأمة. وغدًا لناظره قريب..
0