إضاءات
تلقيتُ دعوة كريمة من الشيخ عبد المحسن الراجحي لحضور ديوانيته الأسبوعية التي تُعقد في منزله العامر بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، ويحضرها عدد كبير من كافة أطياف المجتمع.
ونظرًا لأني من محبي الشيخ صالح الراجحي -رحمه الله- ومدرسته الفريدة في التجارة؛ فلقد حرصت أن أذهب وأستمع وأشاهد متسائلًا في نفسي عن سر استمرار هذه الديوانية، وفيما يمكن أن تختلف هذه الديوانية عن غيرها من الديوانيات المتعددة في هذه البلاد المباركة التي حباها الله بشعب طموح متواصل ومحب للعلم والعلماء والعمل الخيري في شتى الميادين.
ومنذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها إلى الديوانية، شعرتُ بهيبة المكان وحفاوة الترحيب والاستقبال ومستوى التنظيم العالي الذي يهتم بأدق التفاصيل؛ فأيقنت أن هذه الديوانية مختلفة مثل جدة غير.
وما هي إلا لحظات حتى امتلأ المكان بالحضور من جميع الطبقات الاجتماعية منهم الرجل البسيط، ومنهم المسؤول الكبير ومنهم رجل الأعمال المخضرم لكنهم جميعًا كان يجمعهم هدف نبيل وحب وتقدير لهذا البيت، وهذه الأسرة الرائدة في ميادين التجارة والخير المتعددة.
وأخذت أنظر إلى هذه الوجوه الباسمة الهادئة والمطمئنة التي حرصت على الحضور مباشرة بعد صلاة الجمعة، وأتساءل ما الذي يدفعها للحضور في مثل هذا التوقيت الذي هو عادة يوم إجازة ومخصص للأسرة، لا بد أن هناك ما يستحق ذلك جعلهم يحرصون على أن يكونوا أول الحضور.
ثم فجاءة سمعت صوت شاب يافع يقف أمام الحضور ويعرف بنفسه أنا سلطان بن عبد المحسن الراجحي يرحب بالجميع بلغة واضحة جلية، وبصوت يمتلئ بالثقة والشجاعة والفصاحة التعبيرية، بينما يجلس خلفه كوكبة من أبناء وأقارب الشيخ عبد المحسن الراجحي من مختلف الأعمار ينتظرون دورهم في المشاركة في البرنامج المعد بعضهم لم يتجاوز الـ ٤ سنوات من العمر يتناوبون على الوقوف أمام الحضور يعرفون بأنفسهم ويقرأون آية أو حديثًا، ويذكرون معناها وما يستفاد منها حسب ما أورده العلماء الأفاضل، زهور يانعة ووجوه بالإيمان مشرقة ساطعة، محمد، عبد العزيز، سليمان، فهد أبناء الشيخ عبد المحسن، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلى أبناء الشيخ نايف الراجحي صالح، فيصل، عبد المحسن، والأبناء بتال السلمي وسعود الزيد تناوبوا على التقديم في إخراج بديع وتسلسل بليغ يغطي جوانب الموضوع الأساسي الذي يتحدثون عنه وهو أهوال يوم القيامة، ولم يقف الأمر عند الجوانب الدينية بل هناك من قام بتقديم الشعر والأدب الشعبي والخطابة في تنوع فريد من نوعه يُذكرني ببرنامج رائع كنتُ أشاهده في صغري للراحل سامي عودة بعنوان: “من كل بحر قطرة”.
وحيث إن في القاعة بعضًا من الجاليات الأجنبية التي أسلمت حديثًا؛ فهناك أيضًا كلمة باللغة الإنجليزية.
ثم بعد ذلك استمع الحضور إلى محاضرتين مهمتين الأولى عن تجربة خبير متخصص في التجارة مع الصين وهو سعادة الدكتور إبراهيم الخزيم، وقد قدّم للحضور عصارة خبرته الواسعة في هذا المجال الذي امتد إلى ما يزيد عن ربع قرن، وأوضح كيف يمكن تجنب الأخطاء التي يتعرض لها المستثمرون الراغبون في التجارة مع الصين وما هي أفضل المواقع الموثوقة وآلية التحقق منها، تلى ذلك محاضرة قيَّمة بعنوان القائد التحويلي من القدوة إلى الأسوة قدمها سعادة المستشار التدريبي المعتمد الأستاذ عصام قاري المدرب القدير الذي يملك تاريخًا حافلًا في مجال التدريب؛ حيث تطرقت محاضرته الشيَّقة للقيم الخمسة التي ينبغي توافرها في القائد التحويلي وهي:- القدوة، الوجهة، والتحدي، التمكين، التقدير ثم أخذ يفصل تلك القيم وركز على قيمة القدوة التي تضمنت التواضع، الصفاء، الإيجابية، التسامح، الإنصات.
وأبحر وجدف بمهارة في كل قيمة من هذه القيم الجوهرية التي تُشكل القائد التحويلي، وهي عنوان بارز للتميز الفردي والمؤسسي.
بأسلوبه الرشيق وطريقته الرائعة في إيصال المعلومة بشكل يشد الحضور، ويجعلهم يتفاعلون ويصغون إليه.
ثم بعد ذلك تم تكريم لعدد من الإخوة الذين انضموا للإسلام حديثًا، واستمعنا لهم يرددون الشهادتين في منظر تخشع له القلوب والأبدان.
إن ما شاهدته في هذه الديوانية المباركة ليست مجرد ديوانية نتبادل فيها أطراف الحديث لكنها والله مدرسة ناصعة البياض مشرقة بأفكارها وطموحاتها وأهدافها النبيلة.
وتطبيق عملي حي كيف نربي أبناءنا على الشجاعة والجراءة في الوقوف أمام الجميع، والتحدث بطلاقة عن مواضيع محددة تم الاستعداد لها مع فروقات العمر والسن التي تثلج الصدر.
هناك انطباع خاطي عند بعض الناس أن الأسر التي وهبها الله رغد العيش، تجدهم مشغولين بالدنيا لكن ما رأيته والله في هذه الديوانية أن الغنى زادهم علمًا وزهدًا وإيمانًا، وأن ما عند الله أبقى وأفضل، وهذا يسعد ويبهج كل القلوب.
وتجول ببصرك فترى أمامك وحولك تطبيقًا عمليًا وحيًا للأسرة الحريصة على تربية أبنائها منذ الصغر على قيم التواضع والشجاعة والثـقة والاحترام، ويسحرك تفاعلهم والتزامهم بالمشاركة الأسبوعية الثقافية في شتى العلوم، وتتساءل كيف استطاع والدهم أن يجعلهم مشاركين ومتفاعلين بحب ورغبة وقناعة، وكلنا يعلم أن بعض الأسر تُعاني من أن تجمع أبنائها على وجبة غذاء مع الأسرة.
ولفت نظري أكثر أن الشيخ عبد المحسن الراجحي لم يتحدث ولم يحاول أن يأخذ الأضواء، وترك أبناءه وأبناء أخيه وزملائهم يضيئون المكان والزمان، ويبهرون الحضور في امتزاج قوي وأنشطة مشتركة تجذب اهتمام جميع الفئات العمرية.
حقًا كانت ديوانية (غير) لأسرة عريقة محبة للخير.. رحم الله عميدها الراحل الشيخ صالح الراجحي، وبارك في أسرته من بعده.
كفيت ووفيت اخي حسن وأعطيت ديوانية الاستاذ عبدالمحسن الراجحي حقها الذي تستحق.
انت يا استاذ حسن العمري كوكب مضيء ! و المقالة التي تناولت فيها محتوى لقاء الديوانية جعل منها ديوانية (( دين و دنيا )) رحم الله مؤسسها بما قدم لوطنه من اعمال جليلة في شتى المجالات . واذكر بفخر انني و بصحبة المرحومين احمد مطر وابراهيم الدغيثر و عيد الكلابي قضينا يوما بليله في ضيافته الشخصيةً بمزرعته ( الدجاج ) بالقصيم تناولنا خلالها جرعات في فواد التقوى ! و الاخلاق و الارتكاس عليها في علم القيادة والادارة في عالم الاعمال .
بارك الله في ابنائه و احفاده و اتخاذهم فضائل المرحوم نبراسا في حياتهم .
بيض الله وجهك ابو نواف
مقال جميل يصف الزمان والمكان وصاحبه وما تم خلال جمعة الديوانية
ولكن بيت القصيد الذي اعجبني جداً هو تساؤلك الجميل الذي هو من لب وعمق علم الاجتماع.
كيف استطاع الشيخ عبدالمحسن أن يربي اولاده على هذه الدرجه من الثقافة والاقدام ويجعلهم مشاركين ومتفاعلين بحب ورغبة وقناعة، وكلنا يعلم أن بعض الأسر تُعاني من أن تجمع أبنائها على وجبة غذاء مع الأسرة.
نحن في امس الحاجه الى إظهار مثل هذه التصرفات والأفعال من أمثال الشيخ عبد المحسن الراجحي حفظه الله لأولاده وحفظهم له بسم الله ماشاء الله .
لله درك جمعت بين الإعلام والثقافة والإصلاح كتب الله لك الاجر يا اخي العزيز.