المقالات

أشياء لا تُشترى

كثيرًا ما يتم الهجوم على السعودية؛ بوصفها دولة صدفة صنعها النفط، ولولاه ما وجدت ولما تبوأت مكانًا مهمًا بين الأمم، حسنًا حقيقة أن المملكة العربية السعودية قامت قبل الطفرة النفطية تفند ذلك والحقيقة الأشمل أن دولة آل سعود قامت قبل ذلك بقرون هي ما يتجاهله من يربطون المملكة بالنفط، ليس سرًّا أن النفط ساعد في قيام نهضة اقتصادية واجتماعية كبيرة لكنه أداة امتلكتها دول كثيرة أخرى ولم تحقق نصف منجزات السعودية، في هذا الطرح المعيب يتم تجاهل دور الدولة السعودية وقدرتها على التحدي والإنجاز، وهي الجانب الآخر للمغالطة لكنني هنا مهتم بالجانب الأهم والذي تخفيه تلك الادعاءات وهو السؤال البديهي هل صنع النفط للسعودية مكانتها الحالية؟

الحقيقة أن الهجوم على السعودية تارة بأنها صنيعة نفط، وتارة بأنها دولة أعراب متخلفين لم يكن لهم دور قبل النفط يخفي وراءه امتعاضًا شديدًا من السبب الحقيقي الذي يجعل المملكة في المقدمة، وهو إرثها التاريخي وموقعها الجغرافي فلا مثيل لهما، المملكة تقف فوق مخزون من التاريخ وقدسية الجغرافيا هما ثروتها الحقيقية.

بالحديث عن النفط والمال سأذكر حقيقة بسيطة هنا، قد يُغير المال كل شيء إلا حقائق التاريخ وواقع الجغرافيا، لا يمكن لجبل من المال جعل بلدًا آخر يفخر بحقيقة أن من ربوعه انطلقت أعظم الحضارات، يمكن للمملكة أن تذكر بفخر أنها منطلق الحضارة الإسلامية العربية، والتي تشمل اليوم ما يُقارب ثلث سكان الأرض ومهما امتلك الآخرون من الثروات فلا يمكنهم جعل أي مكان من بلدانهم بقدسية مكة والمدينة، تلك مقدسات وضعها الله حيث شاء من الأرض واستودعها من شاء من القلوب، التاريخ والجغرافيا هي مصدر امتعاض البعض، وهما مصدر القوة وليس النفط، النفط لا يصنع تاريخًا ولا يمنح قداسة.

في خريطة العالم اليوم هناك بلدان عربية نفطية وغازية كثيرة، وهناك بلدان إسلامية أغنى وأكبر اقتصادًا من السعودية لكن لا يمكن لها التطلع لمكانة المملكة العربية السعودية في العالم والإقليم والأهم مكانتها في القلوب، بعضهم استسلم لحقائق التاريخ والجغرافيا، وأنزل المملكة منزلتها وبعضها قضى نحبه في الأحقاد والدسائس، وما دنس ثوب المملكة الأبيض ولا غيَّّر شيئًا في حقيقة التاريخ والجغرافيا، ذلك أمر مؤكد.

في مقولة خالدة للأمير محمد بن سلمان ولي العهد في السعودية شبّه همة السعوديين بجبل طويق، ومن خصائص ذلك الجبل أن قمته تظل مرئية وشامخة، ولو ابتعدت عنه مئات الأميال، إشعاع المملكة ودورها يشبه جبل طويق ذلك أن ما تستند إليه هو إرث لا مثيل له ولا شيء سيغير منه سيظل مرئيًا حتى لو وضع بعضهم غطاء على عينيه كُرها بالحقيقة، هذه أشياء لا تشترى ولا يمكن لغير السعودية ادعائها، هي بحق أشياء لا يصنعها نفط ولا ذهب ……..

كاتب موريتاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى