كانت أذربيجان جزءًا من الاتحاد السوفيتي، ثم أصبحت دولةً مستقلةً بعد تفكه في بداية تسعينيات القرن العشرين، ومساحتها حوالي ٨٠ ألف كيلو متر مربع، وسكانها حوالي ١٠ ملايين ونصف، نصفهم تقريبًا يعيشون في باكو العاصمة، وأذربيجان إحدى الدول الخمس المطلة على بحر قزوين (الخزر) الذي تبلغ مساحته حوالي ٣٧٠ ألف كيلومتر مربع، وهي: روسيا، كازاخستان، تركمانستان، وإيران…
وأذربيجان أصبحت وجهةً سياحيةً لسكان دول الخليج وكثير من دول العالم، وهي محسوبة ضمن الدول الإسلامية، وينتشر فيها المذهب الشيعي الإسماعيلي بنسبة ٨٠% تقريبًا، وكانت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، وشعبها ينتمي للعرق التركي، وتعتبر من الدول النفطية وغنية بالغاز وبالمنتجات الزراعية المختلفة وبعض الصناعات، وأسعارها مناسبة إلى حدٍ كبير.
ومدينة شاكي هي أقدم مدن أذربيجان، وكانت تُشكل ولاية يحكمها حاكم مسلم، بنى حفيده قصرًا يُعتبر من معالم الحضارة الإسلامية، ومن إبداعاتها الفنية، وقد بني بين عامي ١٧٦٠ و١٧٦٢ ميلادي، وعمره ٢٦٢ عامًا، وقد تمَّت المحافظة عليه طوال هذه المدة، و٨٥% من أجزائه تُعتبر أصلية، و١٥% ترميمات وتعويض لما كُسر، وقد بني بأمر من محمد حسين خان مشتاق، حفيد حاجي شلبي، مؤسس خانية شاكي بين عامي ١٧٤٧ و١٨١٩، يقع القصر على تلة في جبل من جبال القوقاز المغطاة بالغابات، وقد تمَّ تزيين القصر بزخارف ثم استخلاص ألوانها، كما قال مرشدنا، من النباتات والتربة المحلية، ولا تزال تحتفظ بالكثير من بهائها ورونقها إلى اليوم، ومعظم الرسومات تحتفي بالفروسية والشجاعة والجرأة والإقدام، وزجاج نوافذه مزين بالزجاج الملون والمعشق على طريقة فن الشبكة الذي لا يوجد فيه مسامير،
وأمام القصر شجرتان، قال مرشدنا بأنها سدر، وهما لا يمتان للسدر بصلة، طول كل منهما حوالي عشرين مترًا، وقيل لنا إن عمرهما أكثر من نصف قرن.
ويُعتبر هذا القصر مزارًا للسياح المحليين خلال عطلة النيروز من ٢٠ إلى ٢٩ من مارس من كل عام.
رأينا داخل القصر رسومات بديعة، وكانت توضع على الأرض سجادة، ويتم رسم تفاصيلها على السقف، ولكن السجاجيد ذهبت لا يُدرى إلى أين كما قال مرشدنا، وبقيت رسومات السقف، وبين لنا مرشدنا فلسفة بعض تلك الصور والرسوم التي على الجدران والسقف، فالرمان يُسمى ملك الفواكه؛ لأن لثمرته تاجًا مثل تاج الملك، وهناك صورة لأسد يصارع أسدًا، وهذا يعني أن الأقوياء دائمًا يتصارعون، وملك يده في يد ملك ويعني أن الاتحاد قوة، وأسد يفترس غزالًا، ويعني أن الغلبة دائمًا للقوي، وذئب مع غنم كناية عن استتباب الأمن والاستقرار، وسيدة على رأسها تاج، وجسمها جسم لبؤة وتحت قدميها سمكة، وكل ذلك يُرمز للقوة والسلطة، وفي صورة أخرى لتلك السيدة ذهب التاج وذهبت السمكة وهذا يدل على أن كل شيء سيذهب ويزول، وهناك تنين يخرج من فمه ورود، ويرمز للحاكم الذي يخدم شعبه ويسعى لمصلحتهم، وكونه تنينًا يرمز إلى أن الحاكم يجب أن يكون قويًا حتى لا يطمع فيه الآخرون.
إن قصر السلطان في مدينة شاكي بأذربيجان يُعتبر تحفة معمارية، ومعلمًا سياحيًا يستحق الزيارة، وهو واحد من معالم الحضارة الإسلامية المنتشرة في العالم شرقًا وغربًا..
والله الموفق.