ابتهجتُ بلقاء نخبةٍ من مؤرخين ومفكرين، ومثـقفين يؤمنون بالتفكير الحر المستقل، وفي أمسية شخصية، تم طرح سؤال كبير إلى أين يسير المجتمع العربي بعد أحداث مأساوية تجرعت خلالها الأمة الثكلى الألم، ولعقت الجراح وامتزج الدمع بالدم من تحديات داخلية وأطماع خارجية إقليمية ودولية لأحداث تغيير بنيوي على مختلف الأصعدة؛ لتحقيق الهيمنة والسيطرة على قدراتها وإمكاناتها التي تمتلكها، وتمنحها القوة من مواقع إستراتيجية ومضايق مائية وقوة اقتصادية متنوعة وكثافة بشرية شبابية تستطيع بها إذا تحقـقت بجناحي الإرادة والوعي المستنير القـفز إلى مصاف الدول والتحالفات العظمى.
اتفق الجميع أن نُعيد الطرح لفهم واقعنا وأوضاعنا، لسنا بحاجة إلى أن نحدد مفاهيم ومسلمات وشعارات، بل علينا أن نزيل القدسية عن كل المفاهيم، والأفكار التي تعيق التقدم والتطور الحضاري فشواهد التاريخ، تُنبِئنا عن أسباب سقوط الأمم والدول؛ المتمثل في الصراع الفكري، بين فكر يتسم بالعنف، والجمود، والتخلف، والتأخر والتناحر ونتن الطائفية ووثن القبلية والأساطير، والخرافات، والانحراف، والتطرف المنتج فتنًا وقتلًا وتدميرًا، يؤدي إلى الانهيار ثم الزوال، وفكر وسطي، منهجه روح الإسلام، ونبض الإيمان، الداعي إلى إقامة ميزان العدل والتسامح والسلام، ونشر حرية الرأي والتنوير، وخلق الوعي الراقي، واستخدام العقل والمنطق.
إن إنقاذ ذاتنا الوطنية رهن برؤية تاريخية نقدية، لمحاسبة الذات، تقلع جذور الفساد بأنماطه المتعددة والمتنوعة واتفق الجمع أن الوحدة العربية الاقتصادية والأمن الإستراتيجي ممكنة ومحتمل تحقيقها؛ فالأحداث تؤكد سلامة قانون الوحدة القوي في عصر لا يعترف إلا بالقوة ولا مكان فيه للتكتلات الهشة المتقزمة والمتشرذمة كوضعنا الحالي.
فتاريخنا وتراثنا الحضاري يُعد باعثًا للروح الوطنية القومية، ومحركًا لطاقات المجتمع؛ ففي أعمال الأجداد العظماء دائمًا بمثابة أنموذج أسمى، ومثل يحتذي به شباب الوطن العربي؛ فالتاريخ، هو المصدر الأساسي للفقه الحضاري، والمختبر الحقيقي لصواب العقل البشري.
ومضة
نحن أمة كُتب عليها التحدي، ولا حياة بدونها وبملك العزم والحزم، وأخوته قادة العالم العربي والإسلامي تستفيق الأمة من سباتها، وتصنع حضارة ازدهار واستقرار.
0