في الأسبوع الفارط، وأنا كعادتي أحاول أن أزيل الأتربة التي تعتلي أرفف مكتبتي المهجورة بين فترة وأخرى، وجدت لي مقالتين قديمتين نشرت منذ أكثر من عقدين الأولى تحت عنوان: “العلامة علي بن صالح السلوك”، والثانية بعنوان: “الشاعر عبد الواحد وأكثر من واحد”؛ ولأنهما مقالان مطولان وهما حقيقة يستحقان مجلدات، رأيت اليوم أن أبسترهما كعناوين ورؤوس أقلام عن شخصيتين قد يخوننا التعبير أن نفيهما حقهما، فالعلامة علي بن صالح السلوك -رحمه الله- لازال الرقم الصعب حينما يريد أحد أن يبحر في تاريخ منطقة الباحة وما جاورها، وأذكر أنه أثناء زيارة خاصة له -رحمه الله- بمستشفى الأمن العام بالرياض وجهت له رسالة نشرتها البلاد يومها أقتطف هذه الجزئية منها؛ حيث ذكرت (لعلها استراحة محارب لن تطول بك -بإذن الله-، إلا وأنت بيننا تُعيد حرث ركضًا في الأرض من جديد لتخرج مكنونها التراثي والفكري الخلاق وتكمل مشوار لا يقدر عليه إلا منهم في حجم قامتك أيها الحبيب، لقد جشمت نفسك أبا زهران عناء رحلة أربعة قرون، كان حصيلتها مخزونًا تراثيًا، يُعد مكسبًا وطنيًا يجسد عراقة هذا الجزء الغالي من بلادي الممتد من الطائف شمالًا حتى مشارف جازان جنوبًا، ثرى وإثراء فكري، تُعد اليوم من المراجع التي يعتد بها في جامعتنا، ولقد توج مسيرتك المعطأة شهادة من لامسوا ذلك عن قُرب وعايشوا المعاناة حيث اكتشفوا عظم المنجزات أذكر منهم على عجالة.. صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود أمير منطقة الباحة، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن سعود وكيل إمارة منطقة الباحة، وسعادة أمير المنطقة سابقًا الأمير ـ سعود بن عبد الرحمن السديري والعلامة – حمد الجاسر والأديب ضياء الدين رجب ومحمد حسن عواد وعلوي الصافي أحمد عبد الغفور وعبد العزيز رفاعي وعثمان الصالح وعلي حافظ وعبدالله جفري وغيرهم كثير مما لا يتسع المجال لذكره، كل تلك القامات كل في مجال اختصاصه، أشادت بجهودك كعلامة جهبذ، وأثنت على كتبك القيمة والتاريخية الثرية، والتي جاءت تأصيلًا لذلك الماضي الغني بموروثاته الشعبية، وتعريفًا بتلك الحقبة تاريخًا وموقعًا وزمنًا وأعلامًا تطلبت منك جهدًا خارقًا، قطعت من أجل جمعها وتحقيقها مسافات طويلة، مكثت خلال أكثر من ثلاثة عقود في تجميعها، لتكون في متناول يد القارئ والباحث، في خمس مجلدات جمعها كتاب (الموروثات) الذي سبقه الطبعة الأولى من (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران)، وأعقبه الطبعة الثانية من نفس المعجم ثم (بلاد غامد وزهران السكان والمكان)، وقمة الأدب وسمو الهدف وحساسية الأمانة وشفافية الطرح أن تشير أيها الحبيب بطوعك واختيارك المحض، إلى أن طبيعة عملك ساهمت في ولادة الفكرة وتحقيقها، وقد أدرك الجميع في ذات الوقت ومن خلال متابعته لمثل هذه المؤلفات أنها لم تكن استثمارية ماديًا، بل كانت مخزونًا ثـقافيًا وتراثيًا خدم المكتبة العربية بصفة عامة، لقد أدلى الأوفياء والمعنيون بشهادتهم لك في إبداعك في هذا المجال الذي لا يسلكه إلا من مكنه الله من العلم، وأعانه بالمعرفة وقواه بالصبر والتحمل) انتهى الاقتباس.
أيضًا نستذكر بكل فخر وتقدير أنه لم يقف عند حد التأليف بل تجاوز ذلك إلى أنه سفير طائر في أكثر من ميدان، وأشير منها عضو الجمعية الخيرية للأطفال المعاقين بالرياض، ولجنة أصدقاء المرضى، وعضو الجمعية السعودية لطب الأسرة، عضو لجنة الأماكن الجغرافية بجامعة الملك سعود والجمعية التاريخية السعودية، وأعجز هنا عن سرد تلك العضويات، التي ما كانت لتكون لو لم يكن أهلًا لها. هذا موجز أتمنى أن لا يكن مخلًا بحق أبو زهران -رحمه الله-.
أما الرمز الآخر فبداية يجب أشير أن الشاعر والمربي والخلوق جدًّا (عبد الواحد الزهراني) أنه من سحرنا حيث هو بفضل الله وتوفيقه أكثر من شاعر شق طريقه بثبات وشعبية منقطعة النظير؛ حيث استطاع أن يقفز بالشعر الشعبي مراتب عليا ومميزة، وأن يوظفه في خدمة المجتمع، وقد ضرب في هذا المجال أمثلة رائعة وكثيرة أثبت من خلالها أن الشعر الشعبي رسالة ورسالة مسموعة ومقروءة ومؤثرة في ذات الوقت، وطرح من خلالها بعض قضايا الرأي العام على الساحة، وعالج كذلك بعض السلبيات أذكر منها في هذه العجالة، قصيدة طريق الجنوب، والتي من خلالها جسَّد فعلًا آمال وآلام مرتادي وأهالي وذوي ضحايا هذه الطريق، أيضًا قصيدة قيلت قبل سنوات وعنونت باسم (معالي مدير الجامعة)، وقد كانت فعلًا تصور حال خريجي الثانوية والقبول في الجامعات والكليات التخصصية، ويأتي اليوم الذي نجد سعادته أ.د عبد الواحد أحد رموزها، وكذلك جسد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بكل تداعياتها الكوارثية، وفواتير الخدمات وأوضاع الأمة وكان شمولي الطرح، وقد كان له أيضًا قصائد كثيرة تُعالج كثيرًا من السلبيات سيما ذات الرواسب الاجتماعية الغابرة، ساهم في ذلك ما يتمتع به من مستوى تعليمي، وبأسلوب شعبي يطلق عليه في الغالب السهل الممتنع .. كذلك في مجال الإعلام كان يُعد ويقدم برنامجًا تلفزيونيًا لأول مرة وعلى الهواء مباشرة تحت مسمى (أحلى الكلمات)، ويقدمه بثقة كبيرة.. قوامها توفيق الله ومخزون تراثي وثقافي مكناه من أن يكون كذلك مميزًا حتى في تقديمه وكذلك برنامج “أنت شاعر”، ثم طرحه للأسئلة على ضيوفه، بما يُعزز تلك الثـقة وتلك الخلفية الثـقافية التي تشبع رغبة المتلقي والمشاهد على حد سواء، ثم استطاع من خلال هذين البرنامجين أن يوقف المشاهد على حقيقة قد تكون غائبة عن كثير من الجمهور، وهي أن ما يجرى في ساحة العرضة من اختلاف وجهات النظر وتقارع بالقصائد، لا يأتي ببواعث انتقامية أو حقدية، بقدر ما هو تنافس شريف لتناول موضوع (ما) من كافة جوانبه، ليكون المتلقي على بينة.
استذكرت هاتين القامتين وتيقنت أن أصحاب القامات الإبداعية خصوصًا في مجال الفكر والتأليف، تبقى مقاماتهم مهما تعاقبت العصورعالية القيمة غالية الثمن محفوظة في قلوب الناس عامرة ككنوز غنية في مراكز العلوم والفكر والأبحاث. لقد قدموا لنا الكثير فماذا قدمنا لهم ككيانات وأفراد، نسأل الله لمن رحل الرحمة والغفران، ولمن لازال يواصل الركض الصحة والتوفيق والسداد .. ولعلي قلتُ شيئًا ينصفها والله من وراء القصد.
1
حقالقداثرت في مقالك واشادتك في مؤلف تاريخ وتراث المنطقة العالم الراحل علي السلوك رحمه الله في نفس كل من احبه واجتمع به وعرف حقيقة ماقام به من تاليف فانك عمقت في تلك النفوس منزلة الراحل والمكانة اللتي لن يتربع على منزلته فيهاغيره ولن يستطع احدان ينجزشي مماانجزه رحمة الله عليه
اماماذكرته عن الاخ العزيزالشاعرأد عبدالواحدفانه حقاالشاعراللذي يتغنابشعره كل من يريدالاشادة بمواضيع شعره فهي كالبلسم على الجراح واصل في الشعرمواضيع تتلمس في منطوقهاالاهتمام بماينفع المجتمع حسي ومعنوي من غيرتانيب اوذم بل اهدافه التوجيه والاصلاح اوالمرح وكل ذلك كالسهل الممتنع وشكرالمن تحدثت عنهم