المقالات

الجامعات …. وبيع منتجاتها العلمية!!

ارتفعت قدرة الجامعات العالمية خلال الأربعة عقود الماضية، في زيادة مواردها الذاتية من خارج ميزانيات الدولة عن طريق بيع ما تنتجه من خدمات بحثية، ومعرفية وتعليمية، للمؤسسات، ورجال الأعمال، والشركات.
إن جامعات اليوم تعيش عصر العولمة، واشتداد التنافس الاقتصادي بين الدول، وأصبحت معظم دول العالم تتبنى نموذج الاقتصاد المبني على المعرفة، والذي أصبح في وقتنا الحاضر سلعًا قابلة للبيع والشراء.
بالطبع لم يكن هذا النوع من التجارة -إذا جاز التعبير- بالأمر الجديد، فخلال تنامي المنافسات الرياضية بين الجامعات الأمريكية عام (1915م)، حصدت جامعة ييل “Yale”، العريقة أرباحًا قدرت وقتها بمليون دولار من فوز فرقها الرياضية.
إن الجامعات الأمريكية ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، أدركت أهمية الموارد المالية الذاتية، فقامت بإنشاء أودية للتقنية، وإطلاق برامج، ومشروعات ربحية، كإصدار براءات الاختراع ، وتحويلها لمنتجات يمكن تسويقها عن طريق شركاتها الناشئة.
في بداية القرن الماضي وجدت الجامعات الأمريكية نفسها في وضع تُحسد عليه، بأبنيتها الجميلة، ومختبراتها، وأساتذتها، وأنشطتها البحثية، والتي تُعتبر المكونات الضرورية لاستمرار نمو الجامعات وتقدمها العلمي، مكَّنها من تقديم الدعم لمنسوبيها لتحويل نتاجهم البحثي إلى منتجات ذات قيمة، ودفعهم لأن يقدموا اكتشافات علمية، وطبية تساهم في تقدم البشرية.
وأدى هذا النوع من الحراك البحثي داخل الجامعات إلى زيادة انتباه وسائل الإعلام، وتنامي التمويل المقدم من رجال المال والأعمال، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الحكومية.
ومن نتائجه أيضًا؛ خلق عدد كبير من الفرص الوظيفية، وزيادة الموارد المالية الذاتية، وزاد على إثرها معدل الصادرات الأمريكية لدول العالم، لدرجة أن حوالي (80%) من صادرات أمريكا هي من نتاج أفكار وأبحاث الكوادر الأكاديمية العاملة في المراكز البحثية في الجامعات الأمريكية، وعندها أدركت الجامعات أن دورها أصبح تخريج مجاميع من العلماء والمفكرين والمكتشفين، بدلًا من المتعلمين، وأنها تستطيع بيع وتسويق حق استخدام اكتشافاتها العلمية، وبذلك تحولت إلى جامعات “عظيمة” كما ذكر ذلك عالم علم الاجتماع الأمريكي البروفيسور “جوناثان كول” في كتابه “جامعات عظيمة”.
لذلك يجب علينا النهوض بمستوى البحث العلمي المنتج في جامعاتنا السعودية، وخلق آليات مراقبة صارمة وفعّالة تؤدي بالكادر الأكاديمي للقيام بمهامهم البحثية، وكذلك تشجيع ودعم التعاون بين الجامعات في مجال البحث العلمي والمؤسسات الإنتاجية في القطاعين الحكومي والخاص من أجل وضع أسس شراكة حقيقية ومثمرة.
على جامعاتنا نشر ثـقافة الاقتصاد المعرفي المبني على مخرجات البحث العلمي بين كوادرها، والتوسع في إنشاء المراكز البحثية واستحداث حاضنات الأعمال، وكذلك الترويح لمنتجاتها البحثية من خلال تنظيم المعارض الأكاديمية، والمؤتمرات، واللقاءات المستمرة بين كوادرها البحثية والمستفيدين من القطاعين العام والخاص.
إننا نعيش في زمن لم يعد دور الجامعات فيه مجرد مكان لإنتاج المعارف النظرية ونقلها وتلقينها للطلاب، بل ينبغي أن يكون لها إسهامات كبيرة في مختلف مشاريع التنمية، وإلا تحولت إلى مدارس ثانوية متقدمة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إننا نعيش في زمن لم يعد دور الجامعات فيه مجرد مكان لإنتاج المعارف النظرية ونقلها وتلقينها للطلاب، بل ينبغي أن يكون لها إسهامات كبيرة في مختلف مشاريع التنمية، وإلا تحولت إلى مدارس ثانوية متقدمة.

    خاتمة المقال كاوية للجامعات!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى