يُعد الحرم المكي أكبر وأقدس مبنى بالعالم بتكلفة تزيد على 200 مليار ريال، ولازال التطوير والتوسعات مستمرة، ومساحته تزيد على مليون و٣٠٠ ألف متر مربع، ويتسع لأكثر من 2 مليون شخص، يدخلون إليه من خلال أكثر من 150 بابًا أحدها (باب الملك عبدالله) بالتوسعة السعودية الثالثة هو أكبر باب بالعالم بطول 13م وعرض 7 م ووزن كل درفة منه 7 أطنان، ويُعد تحفة فنية، يزور المسجد الحرام أكثر من 20 مليون مسلم سنويًا، وهو مفتوح 24 ساعة، ٣٦٥ يومًا في السنة، ولا يُغلق أبدًا، ويعمل به نحو 4000 عامل نظافة وآلاف الموظفين في مختلف المجالات، ويتم فرشه بنحو 25 ألف سجادة (أطول من الطريق من مكة لجدة)، ويوجد بساحاته نحو 30 ألف دورة مياه يتم تنظيفها وتعقيمها 4 مرات يوميًا، ويتوفر به 25.000 ألف حافظة لماء زمزم، والتي تُصنف كأكبر سُقيا الماء في العالم، ويتم فحص (100) عينة عشوائية من هذه الحافظات يوميًا.
كما يتوفر بالمسجد الحرام مقرأة الحرمين وهي خدمة مجانية تعمل 24 ساعة يوميًا لمن رغب تلاوة وحفظ القرآن عن بُعد، وهي مُجازة بالقراءات العشرة، وقد استفاد منها أكثر من نصف مليون مستفيد من أكثر من 180 دولة خلال الثلاث سنوات الماضية، ومن عجائب المسجد الحرام التي يسأل عنها كثيرًا ضيوف الرحمن سر برودة رخام الحرم الموجود بالصحن والساحات واسمه (تاسوس)، وهو رخام خاص بالمسجد الحرام والمسجد النبوي حصريًا، ومن خصائصه أنه يعكس الضوء ويعكس الحرارة؛ حيث يمتص البرودة بالليل ويخرجها بالنهار، فهو دائم البرودة حتى في درجات حرارة ٤٩ درجة، ويوجد بالحرم خدمة تطبيق (المقصد)؛ لتدلك على أي مكان تريده بالحرم، كما يوجد بالمسجد الحرام وساحاته نحو 7000 سماعة صوتية نسبة الخطأ بها 0٪، وتعمل من خلال 4 أنظمة صوتية هي الأحدث والأكثر تقنية في العالم، ويتم ترجمة خطبة الجمعة إلى 5 لغات مختلفة، ويوجد بالحرم نحو 10 آلاف عربة عادية توزع مجانًا لكبار السن؛ بالإضافة لنحو 4000 عربية كهربائية إلكترونية لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، ويتم تعطير الحرم وأروقته بالبخور الفاخرة عدة مرات كل يوم، ومن الإبداعات التي تم استحداثها بالحرم منذ نحو ثلاث سنوات أو أكثر توظيف التقنية والذكاء الاصطناعي بالمسجد الحرام للارتقاء بالخدمات المقدمة به لضيوف الرحمن، ومتابعة جودة الخدمات المقدمة، ومنها الروبوت التوجيهي و(11) روبوتًا؛ لتعقيم البيت العتيق وروبوت التطهير وروبوت زمزم وغيرها من التقنيات، وخلال شهر رمضان من كل عام ينتهي التنظيف للحرم بعد الإفطار في دقيقتين فقط، وهو ما يُعد رقمًا قياسيًّا يستحق التسجيل بموسوعة (جينيس للأرقام القياسية).
وهذه النقلة الحضارية التاريخية التي نقلت المسجد الحرام؛ ليصبح أكبر مبنى بالعالم، والمرشح أن يرتفع زواره ليصلوا إلى (40) مليون سنويًا منهم (30) مليون من الخارج و(10) ملايين من الداخل خلال السنوات الخمس القادمة -إن شاء الله- لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله تعالى وعونه، ثم النظرة السعودية الثاقبة التي جعلت مواضيع توسعات الحرمين الشريفين والعناية بضيوف الرحمن في أعلى اهتماماتها منذ دخول الملك عبد العزيز -رحمه الله- لمكة (1343) للهجرة، وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومتابعة سمو ولي عهده الأمين، وقد لا يصدق البعض أن مساحة المسجد الحرام كانت قبل التوسعة السعودية الأولى نحو (28000)م ٢ فقط، ولا يتسع إلا لنحو (50) ألف شخص، بعد أن توقفت التوسعات فيه لأكثر من (400) عام، كما اهتمت المملكة العربية السعودية بالمنظومة الكاملة لخدمات ضيوف الرحمن بدءًا من النقل والسكن والمشاعر المقدسة، مع توفير الأمن والسلامة، مما جعل المسجد الحرام أكبر مبنى في العالم لا يُغلق أبدًا، بقي أن تعلم أن سر قصة المحبة بين المسلمين وهذا البيت الحرام، هو أن المولى -عز وجل- نسب البيت العتيق له -عز وجل- بقوله تعالى:
(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ..) (سورة الحج الآية: ٢٦)
فتعلقت به أفئدة البشر..، بالإضافة لدعوة “أبو الأنبياء” إبراهيم -عليه السلام- (فَٱجْعَلْ أَفْـِٔدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىٓ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(سورة إبراهيم الآية: ٣٧)
فبارك فيه -عز وجل- وجعل الصلاة الواحدة فيه أفضل من مائة ألف صلاة في غيره (أفضل من صلاة 55 عامًا) خارج الحرم؛ مما يعني أن صلاة خمسة فروض (يوم بالحرم) أفضل من أجر صلاة 277 عامًا، وصلاة عشرة أيام أفضل من أجر صلاة (2770) عامًا، وعليك الحساب..
اللهم زد بيتك الحرام تعظيمًا وتشريفًا وجمالًا، واجعله مثابةً للناس وآمنًا..
——
*باحث في تاريخ وتعظيم الحرم
مكة المكرمة