يُصادف يوم الأربعاء الخامس من يونيو يوم البيئة العالمي تحت شعار: “أرضنا مستقبلنا” ليذكرنا بأننا الجيل القادر على التغيير والحفاظ على البيئة في إشارة واضحة إلى دور الأجيال القادمة للحفاظ على الكواكب، وبالتالي تبرز أهمية دور التعليم في إعداد هذه الأجيال لاتخاذ القرارات الصائبة في العمل البيئي ففي دراسة قامت بها اليونسكو عن إدماج المفاهيم البيئية في المناهج الدراسية؛ حيث قامت بجمع والاطلاع على 100 منهج وطني من عدة دول، وكان الاكتشاف المُثير للاهتمام هو أن نصف هذه المناهج فقط تطرقت إلى مواضيع متعلقة بالبيئة وتغيّر المناخ، وكذلك أجرت اليونسكو دراسة استطلاعية على معلمي المرحلتين الابتدائية والثانوية. ورأى أن 95 في المائة من المعلمين ممن شملهم الاستطلاع أن تدريس تغيّر المناخ مهم للغاية، لكن قال أقل من 30 في المائة من المعلمين إنهم على استعداد لتدريسه، وتُعد هذه فجوة كبيرة من حيث جاهزية المعلمين وقدرتهم العملية على المساهمة في دعم المتعلمين للتعرف والتعامل مع القضايا البيئية، وبالتالي نرى من المهم أن على للمؤسسات التعليمية مراجعة آليات دعم المعلمين وتدريبهم حول قضايا البيئة والمناخ؛ فنحن بحاجة إلى قرارات تعليمية تدعم القضايا البيئية للوصول إلى نهج مدرسي متكامل لمساعدة المعلمين على تحسين التدريس الفعلي حول قضايا البيئة تغيّر المناخ.
ولذلك انبثقت عن قمة الأمم المتحدة لتحويل التعليم في سبتمبر2022م مبادرة التعليم الأخضر، وتم إطلاقها رسميًا في نيويورك، وهي مبادرة عالمية تشرف عليها اليونسكو تهدف إلى النهوض بإجراءات أكثر قوة وتنسيقًا وشمولية لدعم البلدان؛ لتسريع تنفيذ التـثـقيف بشأن العمل البيئي المدرسي والتغيّر المناخي.
فمبادرة التعليم الأخضر تتبع نهجًا شاملًا لدعم البلدان في معالجة أزمة المناخ وقضايا البيئة من خلال تسخير الدور الحاسم للتعليم. باعتبارها منصة تعاونية للحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص؛ حيث تهدف مبادرة التعليم الأخضر إلى تقديم إجراءات قوية ومنسقة وشاملة من شأنها إعداد كل متعلم لاكتساب المعرفة والمهارات القيم والمواقف؛ لمعالجة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وبذلك يمكّن التعليم المتعلمين من جميع الأعمار من مواجهة التحديات البيئية بما في ذلك تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والاستخدام غير المستدام للموارد، واتخاذ قرارات مستنيرة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتغيير المجتمع ورعاية الكوكب، وتهدف مبادرة التعليم الأخضر إلى إلهام العمل للدول لتمكين المتعلمين بالمهارات المطلوبة للتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة في سياق التحول نحو الاقتصادات الرقمية والخضراء.
وفي نفس السياق تم انعقاد مشاورات عربية إقليمية حول مسودة وثيقة اليونسكو الخاصّة بالمذكرة التوجيهيّة الخاصّة بالمناهج الخضراء التي عقدت في بيروت في شهر أكتوبر 2023م وانعقاد المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في نوفمبر 2023م في دبي؛ حيث نظمت اليونسكو سلسلة من الاجتماعات التشاورية الإقليمية حول التحول للمدارس الخضراء، وإعداد معيار الجودة الخاص باليونسكو بشأن المدارس الخضراء كل هذه الجهود تظهر الدور الحيوي لدور التعليم في المساهمة بفاعلية في التوعية بأهمية إعداد النشء للمحافظة على البيئة ومواصلة العمل في تفعيل التعليم البيئي، وبالتالي أن عملية الاستمرار في عملية الحفاظ على البيئة لا يمكن تحقيقها من خلال التشريعات والأنظمة وحدها. فنحن بحاجة إلى أن نغيّر طريقة تفكيرنا وعملنا، ومراجعة الأدوار القيادية التعليمية نحو العمل البيئي الأمر الذي يفرض توفير نوعية تعليم مبتكرة من أجل الحفاظ على البيئة على جميع المستويات التعليمية لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية مواجهة بنّاءة؛ لخلق جيل يستطيع أن يعيش في وئام مع الكوكب.
0