تمتد قائمة من يؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة، والإيثار فعل ممتد يكتسبه المرء من تربيته الأولى، والإيثار هو الاستعداد للتضحية بالمصالح الشخصية أو حتى المادية من أجل الغير، وتحمل العبء والمسؤولية عن سعادة ورضا وراحة الآخرين، دون النظر إلى المصلحة الشخصية. يقول ابن مسكويه: (الإيثار: هو فضيلة للنَّفس بها يكفُّ الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصُّه حتى يبذله لمن يستحقُّه).
بين ركام من الملفات، وطوابير الزوار، يرفع المستشار الدكتور/ طارق حسن كوشك رئيس مجلس إدارة شركة حجاج تركيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا حاجبي الدهشة لسائل لم تؤدَّ خدمته بالشكل المطلوب، ليتناول الهاتف موجهًا ومؤكدًا على ضرورة الإنجاز، ليعود مرة أخرى لمراجعة الأمور ومعالجتها عبر الواتساب أو الإيميل أو بالهاتف… فهو لا يهدأ لرعاية شؤون الآخرين، رغم ما يستبد به من تعب وإرهاق.
أن تتصدر المحافل لإرضاء الناس هي غاية صعبة المنال؛ خاصة إذا كان هؤلاء مساهمين يأتمنونك على أسرارهم وحقوقهم، بل وينتظرون عوائد إيجابية، وفي ذات الإطار تطبيق الموجهات العامة والقوانين.
يُقال: إن إرضاء الناس غاية لا تُدرك، ورضا المولى -عز وجل- غاية لا تُترك؛ خاصة في وقت بدأ فيه التحول المؤسسي إلى شركات عوضًا عن مؤسسات الطوافة ضمن توجهات رؤية المملكة العبقرية للاستفادة من حجم الزيارة في العوائد من الفعل السياحي كمصدر يقهقر الاستفادة من النفط كمصدر وحيد للدخل العام، عبر حزم ذكية من التنظيمات الموضوعة لهذا الأمر.
الحج مُتعة، والعمل فيه مُتعة، وهذا الموسم تحدٍّ كبير نسبة للعدد المقدر من حجاج الدول التي تخدمها الشقيقتان “رفاد والرفادة”، بطواقم متخصصة وشباب يبتغي مرضاة الله، وغاية الرضا تبدو من “ابتسامة حاجية” تؤدي لأول مرة فريضتها الخامسة.
أن يكون القائد من رجال طبيعتهم قضاء حوائج الناس، دون البحث عن شهرة أو رياء أو ثناء عبر السلطة، بل تكمن الرغبة الحقيقية في خدمة بلاده عبر مساعدة الآخرين، لهي ميزة تُلخص التضحية، الإخلاص، الصبر، الإيمان بالقدرة على التغيير، والعمل الجاد والمثابرة، والمبادرة بالاستجابة لنداءات الآخرين وحل مشاكلهم وتحقيق أمنياتهم، والوقوف إلى جانبهم في أوقات الشدة والصعوبات تحقيقًا للسعادة ورفاه المجتمع بمسؤولية عالية، دون انتظار شكر أو إشادة والعمل بصمت وتواضع، مما يدفعنا بشكر صاحب الإيثار لصبره وأدائه الراقي.
هؤلاء الرجال الذين يخصُّهم الله بقضاء حوائج الناس يستحقون كل التقدير والاحترام، فهم أساس الأمل والتغيير في مجتمعاتنا؛ فلنقف جميعًا داعمين لرسالتهم النبيلة.
0