في العالم الافتراضي الجديد، وعبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي من برامج حديثة من: (الواتساب، وتويتر، والفيس بوك، ……وغيرها) ومن واقع تصرفات مجموعة من البشر نجد هناك تغريدات عديدة تكتب عباراتها، وجملها وكأننا في مجتمع ملائكي لم يرتكب أي تصرف خاطئ ولا يعرفه أصلاً، ولن يقع فيه من جميع جوانبه المحتملة، ولا يُكتفى بذلك بل تقرأ لهم تغريدات عجيبة غريبة من الممكن أن تُعطينا من خلالها برنامجاً متكاملاً في الأدب، وحسن الخلق، والمثالية وكيفية تطبيقه صباح مساء وبكامل تفاصيله اليومية الدقيقة، هذا خلاف برامجهم النموذجية في مواسم الخير من أيام السنة. ولا نعلم هل هي أمنية من أصحابها أن يرون ذلك؟ أم هم يعيشون في أوهام وأحلام ويعتقدون أنها جزءًا من الواقع؟ أم هم في حالة انفصام تام عن الحياة؟ ولتأكيد كل كتابتهم المتتالية يؤيدونها بشيء من الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة.
وصاحبنا ذلك المتعلم المثقف والله أعلم لم يبتعد كثيراً عن مضمون الكلام أعلاه فمن خلال تغريداته التويترية المزيفة، أو عبر الواتساب، أو حتّى حين مقابلته وجهاً لوجه في مناسبة رسمية، أو اجتماعية أتعجب منه أشد العجب فأنا أعرف أبعاده جيداً، وأدرك تصرفاته المتناقضة تجاه الناس فأجده يكتب عن المثالية أشياء لا يطبق معظمها في مجمل حياته، فتجده مرة يتحدث عن الأُخوة بين الناس من ناحية دينية ويضمنها بنصوص قرآنية كريمة واخشى أن هذه الآيات تكون شاهدة عليه لا له..!! ومرة أخرى يتكلم في المحبة بين أفراد المجتمع ويضمن كلامه بورود جميلة وهذه الورود بريئة من كل كلماته، ومرات عديدة يتكلم في مهارات التنمية البشرية وفكره السقيم، وأسلوبه العقيم بعيد كل البعد عما يقول، وفي كل الحالات المقروءة أضحك على تغريداته أشد الضحك؛ لمعرفتي بحالته النفسية المضطربة فهو يعاني من عقدة النقص الشديد، ولأني كنت أعتقد أنه يؤمن بما يكتبه، وينادي بصحة اختلاف الآراء.. اختلفت معه في رأي عام فكان الحظر لي مباشرةً فارتحت عقبها من كتاباته المرضية.
على أي حال وبكل أمانة أمثال هؤلاء الأشخاص في واقع الأمر مرضى، نعم مرضى؛ لأنهم يكتبون مالا يؤمنون به تماماً، ويقولون ما لايعملون بمضمونه، ولا يدركون أن الناس تدرك أنهم يثرثرون فقط لا غير، ولا يدركون أن الناس تدرك أنهم أبعد عن الحقيقة كبعد السماء عن الأرض، ولا يدركون أن الناس تدرك أنهم يعيشون في انفصام كامل عن الآخرين والحمدلله الذي عافانا من هذا المرض العصري. وكل الذي أخشاه أن تكون هذه الحالة المرضية ظاهرة اجتماعية خطيرة تستوجب من أصحاب التخصص في السلوكيات البشرية التدخل المناسب؛ حتى لا تتفاقم داخل المجتمع فوالله مللنا من وجوههم، وتواجدهم غير المفيد بيننا للأسف الشديد. وفي وجهة نظر شخصية متواضعة أن الإنسان الصادق لا يحتاج أن يكتب الكثير من العبارات المثالية، والجمل النموذجية وإنما يكفيه أن يكون قدوة في أخلاقه وتصرفاته وتعاملاته ما استطاع فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها حيث يقول المولى عز وجل في محكم التنزيل: “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.