الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد …
فكم من شخص تحبه دون أن تراه وتفهمه عن بُعد، وتدعو له، وكم من شخص تنبذه لمعرفته وقُربه هكذا علمتنا الحياة، ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا…
وقفة في هذا المقام مع شخصية صعدت في مدراج المعرفة والبحث، وتربعت على كرسي الاستشارة والقضاء من أسرة اشتهرت بالعلم والفضل، ولا مجال للتفصيل عنها، ويكفينا من ذلك ما أحاط بالمعصم كما يُقال.
ومحور حديثنا أحد أبرز العلماء المعاصرين الذين اتسموا بالعلم والخلق ممن يُشار لهم بالبنان في مجال البحوث والدراسات الأديب الأريب الشيخ الفاضل المحقق المدقق في ميدان التاريخ والتراث، صاحب النظر والفكر والرؤية الثاقبة والكلمة الصائبة، البارع في طرحه الأنيق في منهجه، اللبق في أسلوبه الرائع في لفظه، يعرف من أين يؤتى العلم ومن أين يبدأ، وكيف ينتهي ويأبى العلم إلا أن ينقاد له، عالم إذا قرأت له تذكرت علماء الأمة الأوائل في منهجهم؛ فهو متخصص ومطلع في مختلف المجالات والعلوم كعلم النفس والأدب والأنساب والتاريخ والشريعة، وعلم الرجال والنقد والجرح وغيرها من العلوم؛ فتفرد بذلك في أطروحاته وأبحاثه لأنه يعتمد على المنهج البيني والتحقيق العميق والتوثيق الدقيق والنقد العلمي، والتأصيل والتحليل، ولا يقتصر في بحوثه على السرد والإجمال والقصور، وإنما دومًا يحلق في فضاء العلوم والمعارف، مبحر فيها وجامع لما يريده موثق وثيق.
ويُعد أحد أولى الألباب وصاحب الآداب المتضلع في حقل العلوم والمعارف، ناقد حصيف يقف على الحدث، وينظر في النص يحلل ويدلل ويناقش الفكر، ويخاطب العقل؛ فهو ذو رأي رشيد وقول سديد فارع في بحوثه ودروسه، الأمر الذي يشير على علو كعبه ومقامه في فن النقد والدراسات.
يجول الإنسان معه في عالم علمه وفكره؛ فكم يستفاد من رأيه وتحقيقه ونتائجه؛ حيث يفتش في البحوث والكتب ولا يستسلم للنص، مشاكس في كلامه -إن صح التعبير- وقوله مستساغ وزاد للقارئين ومراد للباحثين المنصفين، يسير على منهج العلماء الفضلاء وطريقة الأوائل الأجلاء من العدل والأمانة، والتجرد من الهوى، والبحث عن الحق والحقيقة.
وقد اطلعت على بعض كتبه وآرائه، وكان طرحه يُوحي عن عقلية ناضجة ناصحة كمؤرخ وقارئ بصير، يفيض بعلمه المفيد وفكره الجديد على المجتمع؛ فمن أراد الاستفادة وزيادة؛ فعليه الرجوع إلى أبحاثه ومنها:
١- المبهمات في الأسماء والكنى والألقاب.
٢- نقد آراء العلماء والمؤرخين ومروياتهم.
٣- النقد العلمي لمنهج المحققين على كتب التراث.
هذا الشخص لا أعرفه شخصيًّا، ولكن عرفته من كتبه وما كُتب عنه، ولا نُزكي على الله أحدًا، وأرفع له قبعة العلم احترامًا وتقديرًا وجهدي ليس سوى جهد المُقل وإلا فالرجل أكبر وأرفع قدرًا مما أقول: إنه فضيلة الشيخ صالح بن سعد اللحيدان، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين..
0