من المفارقات العجيبة عزوف الشباب عن حضور المناسبات الشعبية مثل: حفلات الزواج والأعياد وغيرها من المناسبات التي يجتمع فيها أبناء المجتمع لغرض تجديد التعارف وتبادل الأحاديث الودية والمشاركة في الألعاب الشعبية، وإقبالهم على الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل مُثير للدهشة.
وإن حضر البعض منهم فيكتفون بالحضور، والبحث عن زاوية بعيدة ليشغلوا أنفسهم بالاتصال بالعالم الافتراضي دون الاندماج والمشاركة مع الآخرين .
ولذلك نرى البعض لا يُحسن استقبال الضيف والترحيب به وإكرامه معتمدًا على والده أو أخيه الأكبر، ولا يكلف نفسه حتى مجرد التعلّم منهم والاقتداء بهم .
حتى نشأ جيل جديد غير مُنسجم مع الموروث الشعبي وعادات الآباء والأجداد وخصالهم الحميدة المتأصلة والمتوافقة مع الجغرافيا والتاريخ، وأصبح أقرب ما يكون إلى إتقان الرقصات الغربية والموضات الشرقية والعادات الدخيلة على مجتمعاتنا العربية العريقة .
وتشجيع الأبناء على العلم والتعليم، وتحفيزهم على النبوغ والابتكار والإبداع، والمشاركة في المسابقات المحلية والدولية ظاهرة صحية جميلة ومرغوب فيها لكنها لا تتعارض مع تشجيعهم على إحياء التراث الشعبي والرقصات الشعبية والعادات الجميلة مثل: الترحيب بالضيف وحسن استقباله وإكرامه.
وكان أجدادنا “الأقدمون” ينظمون القصائد والأراجيز الحماسية عند دخولهم ساحة النزال لبث الروح المعنوية العالية باعتبار أن العرضة الشعبية رقصة حرب تبث الحماس لدى المشاركين، ولعل لدينا عوائل وقبائل تُحافظ على الموروث الشعبي وتعلمه لأبنائها وتدربهم عليه، ونشعر نحن بالغبطة عندما نرى فتيانًا في ريعان شبابهم ينفذون هذا الموروث بطريقة متقنة ورجولية ومحببة للنفس.
وهذا لا يعني إغفال دور جمعيات الثـقافة والفنون المنتشرة في جميع مناطق المملكة، والتي من ضمن أهدافها المحافظة على الموروث الشعبي، والمشاركة به في الاحتفالات والمهرجانات، وتمثيل المملكة في الداخل والخارج، ولكنه يظل دورًا مؤسسيًا يحتاج إلى الدعم والتشجيع من المجتمع .
– كاتب رأي ومستشار أمني