المقالات

سياحة تاريخية في ذكريات مطوفة… السيدة ماجدة جمل الليل: مازلنا نستقبل حجاجنا في بيوتنا وراحتهم غايتنا

الدولة بادرت بتطوير خدمة ضيوف الرحمن والشركات تستكمل المسيرة

مكة المكرمة – على مدى ساعة ونصف تقريباً، فتحت السيدة ماجدة جمل الليل كوّة تستدعى ذاكرة الزمن، لتضعنا أمام زخم وافر من الذكريات والمواقف التي رسمتها خطوط الزمن لمقدمي خدمات الطوافة وكرم الضيافة، وعمل المطوفين كمهنة وهواية محببة، يسندها إرث تاريخي موغل في الزمن، يؤكد أن القِرًى وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف من صميم اهتمامات الشعب السعودي الكريم.
طافت ذكريات السيدة جمل الليل على مراحل تأسيس أعمال الطوافة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه – مروراً بأبنائه الكرام – رحمهم الله – حتى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله. سياحة في ذاكرة متقدة بحب الإثار والكرم الأصيل. فإلى مضابط الحوار:

حدثينا بداية عن إنشاء المؤسسة؟
نحن كعائلة، كنا مسؤولون عن الحجاج منذ أكثر من 150 عاماً، وقد توارثنا هذا الأمر عبر الأجيال المتلاحقة فعرفنا الحجاج وعرفناهم من ناحية اللغة والثقافات وحتى أنواع الأطعمة.
وفي عام 1402هـ كان للسيد جعفر جمل الليل عظيم الشرف بتأسيس مؤسسة تركيا التجريبية، ثم ترأسها حتى عام 1419هـ، وتغذينا جميعنا من السيد جعفر في عمل الطوافة، والتي ظللنا نعتبرها بمثابة مائدة لنا جميعا نتغذى منها.

حالياً، وباعتبارك أحد المساهمين في شركة تركيا، ما هو انطباعك عن الجهود التي تقدم لراحة وسلامة الحاج؟
قبل كل شيء وفي المقام الأول، نضع نصب أعيننا أن خدمة الحاج وراحته هي غايتنا، وقد بذلت جهوداً كبيرة جداً في هذا الصدد، لأنها مهنة يستمر العمل فيها طوال 24 ساعة قبل وخلال وبعد الموسم.
والذين يخدمون في هذا العمل لا يفرقون بين الليل والنهار، وأنا لا أتكلم عن مطوف أو مساهم، أنا أعتبر أن الطوافة هي أسرة، فمثلا من الممكن أن تكون زوجة المطوف ليست من أرباب الطوافة، لكنها تخدم الحجاج كمّعينة لزوجها في إكرام الحجاج واستقبالهم وضيافتهم فهي بذلك تعتبر جزءً من أسرة الطوافة.
لقد بدأ التطور في الخدمات المقدمة للحجاج من الدولة، والشركة في هذا التطور بادرت بالتوعية والتثقيف للعاملين والحجاج خاصة بما يتناسب مع احتياجاتهم.

كمطوفة، بخبرات ممتدة ماهي أبرز التحديات التي مررت بها؟
التحديات في مجال الطوافة كثيرة ولا يمكن حصرها، لكن من المهم تعلم لغة الحجاج الذين تخدمهم، وقد اتقنت خلال عملي اللغات التركية والانجليزية، فالحمدالله منذ أن نذرت نفسي لخدمة الحاج ركزت على ممارسة اللغة وليس تعلمها، لأنه يختلف تعلمها عن ممارستها، وأحاول عندما أخطئ أن أصحح الخطأ بالممارسة والاستمرارية، وكما أسلفت فإن هذا العمل “شوق عشناه” كاسرة مكية في خدمة وتلبية احتياجات الحجاج.

كيف تنظرين للدور المتنامي للمرأة؟ ماهي أهم المبادرات التطوعية والمسؤولية المجتمعية التي قمت بها وتشاركين فيها لخدمة ضيوف الرحمن؟
خدمة المرأة للحجاج ليست حديثة، فهي بعمر عمل الطوافة، ويتضمنها رعاية ومرافقة المرضى من الحجاج في المستشفيات قديماً، وكمثال كنت في عام من الأعوام قد رافقت مريضة مصابة بالفشل الكلوي وهي لا تتكلم اللغة العربية، وكان يشترط وجود مترجم، فبادرت بذلك وتمت مرافقتها حتى شفيت تماماً وخرجت من المستشفى. فالأعمال الإنسانية من صميم عملنا، باعتبار أن ضيوف الرحمن الكرام تحت رعايتنا ونوليهم كل الاهتمام اللازم حتى يخرجوا بانطباع متميز عن بلادنا وإنسانها.
والعائلات في مكة والمدينة يمكن أن نطلق عليهم “عائلات عالمية” من حيث اجادة اللغات وحسن التعامل وإكرام الضيف.

كيف ترين التنافس بين الشركات عقب التحول من مؤسسات؟
الشركات بدأت حديثة، ولكن لا يمكن الحكم حالياً على هذه التجربة الرائدة، وننتظر الآن نتائجها. وأنا لا أقول هو ليس بالتنافس المعروف بل هو تسابق لخدمة هؤلاء الكرام، خدمة، وتقديم أفضل ما لدينا لإكرام ضيف بيت الله الحرام والسهر على راحتهم.

في رأيكم، ماهي أهم الجوانب لتحسين وتطوير لخدمة الحجاج؟
أتمنى أن أرى خدمات تقدم للشباب العامل في هذا القطاع، خدمات تواكب طموحاتهم، منها توفير دورات تدريبة تقام لتعلم اللغات حتى لا تظهر جوانب الضعف والاخطاء في الترجمة، وفي كيفية رعاية الحاج خاصة الضعيف منهم.

إذن، ماهي نصيحتكم للعاملين في خدمة الحجاج؟
نصيحتي لهم شد الهمة، وقد رأيتها بالفعل في جهود الشباب عند استقبالهم لضيوف الرحمن، كانت همتهم عالية، ولكن في ذات الوقت أنصحهم بالنظر إلى الأمام ليحصلوا على طموح واسع من خلال تجديد الأفكار، وتجديد احتياجات الحجاج وتنفيذها لمواكبة الحداثة، وقد أولت الدولة أعزها الله هذا الجانب اهتماماً ظاهراً وتعمل العديد من الجهات والهيئات في توفير الدورات المطلوبة لسد الخلل وتوفير أفراد ذوي مقدرة في عكس الوجه المشرق للمواطن السعودي.

كيف ترين الأثر المباشر على المطوفين من تحويل مؤسسات الطوافة إلى شركات؟
عندما يفهم المطوف معنى التحول تلقائياً سيفهم معنى الشركة، ولكن حالياً هناك لبس في مفهوم التحول، وأنا أصف هذا التحول بكلمة هي أن الشركة ليست شركة عادية، وإنما أصلها الطوافة، وهذه الشركة أصبحت تليق بشكل الوكيل الخارجي، ولا يعنيني رضاء المطوف ولا المساهم، بل إنما محط الثقة هو الوكيل لخارجي بما نقدمه له.

كم كان عدد الحجاج الذين تستضيفوهم في بيوتكم قديما، وهل مازال ذلك مستمراً حتى الآن؟
في عهد المؤسسات حدث انقطاع أسرة المطوف عن ملاصقتها بالحجاج، ولكن بفضل ربي ما زلت شخصياً حتى اليوم استضيفهم في بيتي وذلك حرصاً مني على ألا تنقطع العادات المتميزة.
الاستضافة تكون حسب مساحة المنازل فبينها ما كان يتألف من ثلاثة أدوار أو أربعة أو حتى أقل، فكان هؤلاء الكرام ينامون عند المطوف باريحية تامة، بل كانوا يدخلون إلى المطبخ لصناعة الوجبات مع صاحبة المنزل، وهنا يتم الامتزاج الثقافي وتبادل المعارف.

هل يمكن أن تصفي مشاعرك لحظة استقبال الحجاج؟
هي مشاعر نبيلة وجميلة، وقد بدأت من زمن بعيد جداً، وكان الحجاج الأتراك يجلبون الهدايا، ومن ضمنها السحلب في شكل يشبه الحجارة، فيتم طحنه حتى يتحول شراباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى